/م19
{ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِين} ادعى اللعين أنه ناصح لهما فيما رغبهما فيه من الأكل من الشجرة .ولما كان محل الظنة في نصحه عندهما ، لأنه تعالى أخبرهما بأنه عدو لهما ، أكد دعواه بأشد المؤكدات وأغلظها ، وهي القسم وإن اللام وتقديم"لكما "على متعلقه الدال على الحصر .وكان الظاهر أن يقال وأقسم لهما فإن المقاسمة تدل على المشاركة كقاسمه المال أي أخذ كل منهما قسما وللمفسرين في الصيغة قولان أحدهما أن صيغة فاعل وردت للمفرد كثيرا وهذا منها فمعناه:وحلف لهما ، واستشهد له ابن جرير بقول خالد بن زهير:
وقاسمها بالله جهدا لأنتمُ *** ألذ من السلوى إذا ما نشورها{[1134]}
والقول الثاني إنها على أصلها ، ووجهوه بوجوه لا دليل عليها كقولهم إنهما أقسما له أنهما يقبلان نصيحته إذ أقسم أنه ناصح ، وقولهم إنهما طلبا منه القسم فجعل طلبهما القسم كالقسم ، وإنما يعلم مثل هذا بالنقل عن المعصوم .ولو قيل إنه هو الذي عرض عليهما أن يقسم لهما وطلب منهما أن يقسما له وبنى قسمه على ذلك لكان أقرب إلى المألوف .
/خ25