{فَدَلاهُمَا}: استنزلهما وجرأهما على الخطيئة ،والتدلّي: الدنو والاسترسال ،من دلوت الدلو أرسلتها ،وأدليتها: أخرجتها ،ومنه قولهم: فلان يتدلى إلى الشرّ لأن الشرّ سافلٌ والخير عالٍ .
{بِغُرُورٍ}: بباطل وخداع .
{وَطَفِقَا}: أخذا ،شرعا .
{يَخْصِفَانِ}: يلصقان ورقةً على ورقةٍ .
{فَدَلاهُمَا بِغُرُورٍ} أي أنزلهما عن درجتهما الرفيعة ،فأوصلهما إلى مرحلة السقوط بسبب الغرور الذي أوقعهما فيه ،في ما استعمله من أساليب الخداع .{فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَتُهُمَا} وشعرا بالعري الذي بدأ يبعث في نفسيهما الشعور بالخزي والعار ،في اَحساسٍ جديد لم يكن لهما به عهدٌ من قبل .وقيل: إنهما كانا يلبسان لباس أهل الجنة ،فسقط عنهما بسبب المعصية .{وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ} ليسترا سوءاتهما في إحساس بالحاجة إلى ذلك ،بطريقة غريزية ،من خلال شعورهما بالدور الخجول للعورة ،أو لأمرٍ آخر يعلمه الله ،وسقطا في الامتحان وأخفقا في التجربة ،وبدأ هناك شعورٌ خفيٌّ بالخيبة والمرارة نتيجة إحساسهما بأنهما ارتكبا ما لا يجب أن يرتكباه ،وربّما تذكّرا نهي الله لهما عن الأكل من الشجرة ،وربما يكونان قد عاشا بعض الحيرة في ما يفعلانه في موقفهما هذا ،فهذا أمر جديد لا يعرفان كيف يتصرفان فيه ..
وهنا جاءهما النداء من الله مذكّراً ومؤنّباً{وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} ؟!فكيف خالفتما هذا النهي وعصيتماني ؛ما حجتكما في ذلك ؟هل هي وسوسة الشيطان ؟وكيف لم تنتبها إلى وسوسته ؛ألم أحذركما منه{وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ} يضمر لكما الحقد والعداوة والحسد ،منذ رفض السجود مع الملائكة ،وخالف أمر الله بذلك ،ووقف وقفة التحدي للإنسان ليغويه ويضرّه ويقوده إلى عذاب السعير ؟وها أنتما تريان كيف قادكما إلى هذا الموقف المهين .