{ فدلهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ونادهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين ( 22 )} .
{ فدلهما بغرور} أي:أطمعهما .وأصله:الرجل العطشان يدلي في البئر ليروي من مائها ،فلا يجد فيها ماء ،فيكون مدليا فيها بغرور ،فوضعت التدلية موضع الإطماع فيما لا يجدي نفعا .وفيه إشعار بأنه أهبطهما بذلك من درجة عالية ،إلى رتبة سافلة .فإن / التدلية والإدلاء إرسال الشيء من أعلى إلى أسفل .وقيل:معنى دلاهما جرأهما بغروره ،والأصل فيه ( دللهما ) ،والدل والدالة الجرأة كما قال{[3877]}:
أظن الحلَم دلَّ عليَّ قومي*** وقد يستجهل الرجل الحليم
فأبدل أحد حرفي التضعيف ياء .
{ فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما} أي:أخذتهما العقوبة وشؤم المعصية فتهافت عنهما اللباس ،فظهرت لهما عوراتهما .قال السيوطي في ( الإكليل ):استدل به بعضهم على أن من ذاق الخمر عصى-انتهى- وهذا وقوف مع ظاهر ما ههنا ،فإن الذوق وجود الطعم بالفم ،وظاهر أنه قد يعبر به عن الأكل اليسير ،وهو المراد هنا ،لأنه وقع في آية أخرى مصرحا بالأكل فيها{ وطفقا يخصفان} أي:أخذا يرقعان ويلزقان ورقة فوق ورقة{ عليهما من ورق الجنة} أي:ليستترا به .
قال الجشمي:تدل على أن ستر العورة كان من شريعة آدم عليه السلام .وقد استدل قوم بالآية على وجوب الستر .قال القاضي:وليس في الآية ما يوجب الوجوب .إذ ليس فها أكثر من أنهما فعلا ذلك .قال الأصم:وتدل على أن الستر من خلق آدم وحواء ،وأنهما كرها العري وإن لم يكن لهما ثالث ،ففي ذلك دليل على قبح التعري إلا عند الحاجة .
{ وناداهما ربهما} أي يذكرهما النهي السابق والأمر والتجنب عن الشيطان{ ألم أنهكما عن تلكما الشجرة} أي:عن الأكل منها:{ وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين} .