( فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ) .
الغرور هو ظن الضار مصلحة والباطل حقا . ودلاه من التدلية وهي إلقاء الدلو في البئر وهي هنا إلقاء النفس في الغرور والمعاصي والمعنى دلاهما في المعاصي بالغرور الذي أوجده فيهما ، فذاقا الشجرة التي نهاهما عن القرب منها ، فلما ذاقاها بدت عوراتهما التي يسوء منظرها ، ولما بدت أراد أن يسترها فطفقا أي أخذا يخصفان أي يقطفان من ورق الجنة ، ما يستر عوراتهما وقد بدت لهما ، وكانت من قبل مستورة عنهما ، وبذلك ظهر لهما بينا ألم المعصية وأثرها وناداهما ربهما وهما في هذه الحال مذكرا بالنهي فقال تعالى:
( وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) .
ناداهما نداء منبها قويا قائلا لهما وهو ربهما الذي خلقهما فسوى خلقهما وهو يعرف ما تخفى نفوسهما يلومهما في أمرين:
أولهما:أنه نهاهما ولم ينتهيا وقال لهما:( الم أنهكما عن تلكما الشجرة ) أي لقد نهيتكما عن تلك الشجرة نهيا مؤكدا ولكن أكلتما كما قال في آية أخرى:(. . . وعصى آدم ربه فغوى 121 ) ( طه ) .
الأمر الثاني:أنهما أطاعا الشيطان في تغريره وحسبا أنه ناصح وقد بين الله تعالى أنه عدو واضح العداوة ولذا قال:( واقل لكما ان الشيطان لكما عدو مبين ) أي لقد قلت مؤكدا القول:إنه عدو واضح العداوة فما كان لكما ان تغترا به ، أحس آدم بغرور الشيطان الذي ظهر في اثر العصيان وأنهما بالعصيان ما صارا ملكين ولا صارا في الخالدين .