{وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}: الريح على ما قيل: العز والدولة .وقد ذكر الراغب أن الريح ،في الآية ،بمعنى الغلبة استعارة ،لأن من شأن الريح أن تحرك ما هبت عليه وتقلعه وتذهب به ،والغلبة على العدو تفعل به ما تفعله الريح بالشيء كالتراب ،فاستعيرت لها
{وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} فإن ذلك هو الذي يحمي المسيرة من الانحراف ،ويصون الخطوات من الاهتزاز ،ويحقّق للإنسان الطمأنينة النفسية والسكينة الروحية في التزامه بالخط المستقيم الذي يتّجهأبداًإلى رضوان الله .
التنازع سبيل الفشل والزوال
{وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} إن النزاع يتحرك من ذاتية الفكر التي تنزع للاصطدام بفكرٍ مماثلٍ ،وعندها تتلاعب الأهواء بالقضايا ،فلا يبقى هناك مجالٌ للِّقاء على أرضٍ مشتركة ،وتكون النتيجة أن يتنازع كل الفرقاء القضية ،فيحاول بعضهم أن ينحرف بها في اتجاه اليمين ،في حين يحاول الآخرون أن ينحرفوا بها في اتجاه الشمال ؛مما يفقدها قوتها ومسارها الطبيعي ،فتفقدمن خلال ذلكشروط النجاح وعناصره ،وتقففي النهايةعند حدود الفشل ،وتذهب الريح القوية العاصفة التي تضرب قوى الأعداء في الفضاء ،لأنها تتوزع هنا وهناك ،فلا يبقى منها شيءٌ إلا ما يشبه الهواء الخفيف الكسول الذي لا يمثل أية قوةٍ في حركة العواصف ...أمّا إذا التقت الأفكار عند فكر الرسالة ،وتجمّعت الرياح عند حركة العاصفة ،وتزاحمت الأقدام في الطريق الواحد نحو الهدف الواحد على أساس طاعة الله ورسوله ،فهناك القوة كل القوة في ساحة الصراع .
الصبر أكبر عون على الشدائد
{وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} ففي الصبر قوة الموقف ،ووضوح الرؤية ،وسلامة الطريق ،وحرية الإرادة ،وبذلك يكون الموقف للحق .وإذا كان الموقف للحق ،كان مع الله ،وكان الله مع السائرين على الحق الثابتين عليه .