{بَطَراً}: قال الراغب: البطر: دهش يعتري الإنسان من سوء احتمال النعمة وقلة القيام بحقها وصرفها إلى غير وجهها .ويقارب البطر الطرب ،وهو خفة أكثر ما يعتري من الفرح ،وقد يقال ذلك في الترح .والبيطرة معالجة الدابة .
{وَرِئَآءَ}: الرياء: المراءة: هو إظهار الجميل ليُرى مع إبطان القبيح .
النهى عن اتباع البطرين المرائين
{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً} في ما يمثله البطر من الطغيان في النعمة ،وزهو الانحراف بها عن وجهها الصحيح الذي يُرضي الله ،بعيداً عن خط التوازن والاعتدال .{وَرِئَآءَ النَّاسِ} فهم لم ينطلقوا من حالة إخلاصٍ عميقٍ لوحي الرسالة ،ليكون خروجهم تجسيداً للرسالة ،بل كانوا ينطلقون من حالة رياءٍ استعراضي يحاولونمن خلالهالإيحاء للناس بقوتهم وعظمتهم ،ليراهم الناس وليقولوا عنهم ما يحبون أن يقال فيهم من كلمات المدح والثناء .{وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} فيمارسون كل وسائل الضغط التي يملكونها ضد المؤمنين الرساليين السائرين في طريق الله ،العاملين من أجل رضاه ،المجاهدين في سبيله .
الفرق بين من يحارب لله ومن يحارب لغيره
وهذا هو الفرق بين الذين يحاربون من أجل رسالة إلهية ،وبين الذين يحاربون من أجل عُقدةٍ ذاتية .إنه الفرق بين المسلمين الذين حاربوا مع رسول الله ،وبين المشركين الذين حاربوا مع أبي جهل .وقد جاء في كتب السيرة ،أن ابن الحقاف الكناني جاء إلى أبي جهل بهدية من أبيه ،وهو في طريقه إلى حرب النبي( ص ) ،فقال له: يقول لك أبي: «إن شئت أمدّك بالرجال ،وإن شئت زحفتُ معك » .فقال أبو جهل: «إن كنا نقاتل الله كما يزعم محمد ،فوالله ما لنا بالله من طاقةٍ ،وإن كنا نقاتل الناس ،فوالله إن بنا على الناس لقوّة ،ولا نرجع عن قتال محمد حتى نرد بدراً فنشرب فيها الخمر ،وتعزف علينا القيان ،وتسمع العرب بذلك .
وربما كان هذا ما توحي به الآية من أخلاق هؤلاء الذين ينطلقون من موقع البطر والرياء والصدِّ عن سبيل الله .{وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} فكيف يواجهون حساب المسؤولية غداً بين يدي الله ،وهو المهيمن على ذلك كله ؟!.