/م45
3كما أنّ من أهم أسس المبارزة والمواجهة هو الالتفات للقيادة وإطاعة أوامر القائد والآمر ،الآمر الذي لولاه لما تحقق النصر في معركة بدر ،لذلك فإنّ الآية بعدها تقول: ( وأطيعوا الله ورسوله ) .
4( ولا تنازعوا فتفشلوا ) لأنّ النزاع والفرقة أمام الأعداء يؤدي إِلى الضعف وخور العزيمة ،ونتيجة هذا الضعف والفتور هي ذهاب هيبة المسلمين وقوتهم وعظمتهم ( وتذهب ريحكم ) .
«والريح » في اللغة ،هي الهواء .فالنزاع يولد الضعف والوهن .
وأمّا ذَهاب الريح ،فهو إشارة لطيفة إِلى زوال القوّة والعظمة ،وعدم سير الأُمور كما يرام ،وعدم تحقق المقصود ،لأنّ حركة الريح فيما يرام توصل السفن إِلى مقاصدها ،ولما كانت الريح في ذلك العصر أهم قوّة لتحريك السفن فقد كانت ذات أهمية قصوى يومئذ .
وحركة الرّيح في الرّايات والبيارق تدل على ارتفاع الرّاية التي هي رمز القدرة والحكومة ،والتعبير آنف الذكر كناية لطيفة عن هذا المعنى .
5ثمّ تأمر الآية بالاستقامة بوجه العدوّ ،وفي قبال الحوادث الصعبة ،فتقول: ( واصبروا إنّ الله مع الصابرين ) .
والفرق بين ثبات القدم في الأمر الأوّل ،والاستقامة والصبر في الأمر الخامس ،هو من جهة أن ثبات القدم يمثل الناحية الظاهرية ،«الجسمية » أمّا الاستقامة والصبر فليسا ظاهريين ،بل هما أمران نفسيان ومعنويان .