الخط الفاصل بين سلوك المؤمنين وغير المؤمنين
وتنطلق الآيات لتوضّح الخط الفاصل بين سلوك المؤمنين وسلوك غير المؤمنين في القضايا التي تمثّل الإخلاص لله ،في ما يتصل بقضية المصير في مسألة المواجهة بين الكفر والإيمان في المعركة الفاصلة ،ليكون ذلك هو الميزان الذي توزن به الأشياء في تقييم الأشخاص والمواقف .{لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ} لأنهم يعيشون الإخلاص لله ،والطاعة لأوامره ،والمحافظة على دينه ،والرغبة في ثوابه ،والحصول على رضاه ،ولذلك فإنهم يتحركون في مواقف الجهاد من هذا الموقع ،فلا يلتمسون العذر في التخلف عنه ،بل يعملون على إزالة الموانع في الانطلاق نحوه ،لأنهم لا يرونه مشكلةً شخصيّةً لهم ،بل حلاً لمشكلة الإسلام في صراعه مع الكفر ،مما يرون فيه المسؤولية الكبيرة التي تفرض عليهم أن يقدّموا أموالهم وأنفسهم قرباناً لله في هذا السبيل ،الذي تتجسد فيه خطوط التقوى ،وحركيّتها وفاعليتها في حياة الفرد والأمّة{وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} بسبب ما يعلمه من صدق الإخلاص في قلوبهم ،ودقّة الالتزام في سلوكهم ،وصفاء العقيدة في أرواحهم .