المفردات:
دأبا: مصدر دأب في العمل .أي: جد فيه .
التفسير:
47{قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا َصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ} .
أي: قال يوسف لساقي الملك: إن هذه الرؤيا ترمز إلى ما يأتي: ستأتي سبع سنين مخصبة يجود فيها النيل بالماء ،وتخصب الأرض بالزراعة ،وعليكم أن تدّخروا القمح وتتركوه في سنابله ؛حتى يسلم من السوس والمؤثرات الجوية ،لكن لا بأس أن تجردوا قليلا من القمح من سنابله بمقدار ما تأكلونه فقط ،أما الزيادة فاحتفظوا بها في سنابلها ؛حتى تنقذكم في السنوات السبع العجاف ،المرموز لها بالبقرات العجاف التي تأكل البقرات السمان .
ويبدو أن تخزين القمح في سنابله لمدة طويلة تصل إلى سبع سنين لم يكن معروفا لدى قدماء المصريين ؛فقد كانوا يزرعون لكل عام ،ولا يحرمون من فيضان النيل سبع سنين متتابعة ؛فلذلك أرشدهم يوسف ،إلى هذه الطريقة المثلى في التخزين لمدة طويلة ،ولعل ذلك من فضل الله عليه وإلهامه بهذه الأمور الحكيمة التي أنقذت مصر من المجاعة ،وكانت سببا في إنقاذ ما حولها من البلاد وحسبنا قول يوسف لصاحبي السجن:{ذلكما مما علمني ربي} .
من تفسير القرطبي:
قال القرطبي: وهذه الآية أصل في القول بالمصالح الشرعية التي هي: حفظ الأديان ،والنفوس ،والعقول ،والأنساب ،والأموال ؛فكل ما تضمن تحصيل شيء من هذه الأمور ؛فهو مصلحة ،وكل ما يفوت شيئا منها ؛فهو مفسدة ،ودفعه مصلحة ،ولا خلاف في أن مقصود الشرائع إرشاد الناس إلى مصالحهم الدنيوية ؛ليحصل لهم التمكن من معرفة الله وعبادته الموصلتين إلى السعادة الأخروية .