/م49
المهد: ما يمهد للصبي ويفرش له ،أي: جعل الأرض كالمهد .
وسلك: سهّل .
السّبل: واحدها: سبيل أي: طريق .
أزواجا: أصنافا .
شتى: واحدها: شتيت ،كمريض ومرضى ،أي: مختلفة النفع والطعم واللون والشكل .
53-{الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماءا فأخرجنا به أزواجا من نبات شتّى} .
تشتمل هذه الآية على أربع نعم يشاهدها الناس في كل مكان ،خصوصا في أرض مصر حيث يمتدّ النيل ،وحوله الأرض الزراعية ،وكان الأولى بفرعون أن يشكر ربه ،ويعرف فضله ،بدلا من الجحور والكفران .
{الذي جعل لكم الأرض مهدا} .
جعل الأرض كالمهد للطفل يحوطه ويحافظ عليه ،وكذلك الكبار يمتهدون الأرض ويستقرون عليها ،وينامون ويسافرون على ظفرها .
{وسلك لكم فيها سبلا} .
أي: جعل لكم الأرض طرقا بين الجبال والأودية ؛تسلكونها من قطر إلى قطر ،لقضاء مآربكم ،ونحو الآية قوله تعالى:{وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون} .( الأنبياء: 31 ) .
{وأنزل من السماء ماءا فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى} .
في هذه الآية تحول من الغيبة إلى التكلم ،تنويعا للكلام وتفخيما لفضل الرحمن ؛فقد أنزل الله سبحانه المطر حيث ساق السحاب وأنزل المطر .
{فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى} .
أي: أخرج الله بالمطر ألوانا وأنواعا من النبات ؛متعددة الألوان والأشكال والطعوم ،فهذا حلو وهذا حامض وهذا مُزّ .وهذا النبات أزواج ؛منه الذكر والأنثى .قال تعالى:{سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون} .( يس: 36 ) .
وهذا التكامل في الخلق آية تدل على كمال القدرة ،فالإنسان والنبات والحيوان ،والكون كله أزواج ؛فالسماء والأرض ،والسحاب سالب وموجب ،والشمس والقمر ،والأرض والجبال ،والكواكب والأفلاك والأبراج ،حتى نجم الشعري الكبير الهائل العظيم السرعة ؛يسير بجواره نجم قزم يلازمه في مداره .قال تعالى:{وأنه هو رب الشَّعْرى} .( النجم: 49 ) .
وكان العرب يعبدونها من دون الله ؛فبين القرآن أن الله هو المستحق للعبادة ؛ دون سواه .
وقد ورد مثل هذه المعاني في أوائل سورة الرعد ،قال تعالى:{وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا من كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون .وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون} .( الرعد: 4 ، 3 ) .