/م192
سلكناه: أدخلناه [ أي: التكذيب] في قلوب المجرمين ،من كفار مكة .
التفسير:
200 ،201 ،202 ،203-{كذلك سلكناه في قلوب المجرمين* لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم*فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون*فيقولوا هل نحن منظرون}
تشير هذه الآيات ،إلى تمكن التكذيب في قلوب الكافرين من أهل مكة ،وفي قلوب من سبقوهم من المشركين ،فلا تأس عليهم يا محمد ؛لأن الجحود والعناد ثابت في جبلتهم ،وفي قلوب من سبقوهم من المشركين ،وقريب من ذلك قوله تعالى:{وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون} [ هود: 36] .
قال في ظلال القرآن:
والتعبير يرسم صورة حية لملازمة التكذيب لهم ،فيقول: إنه على هذه الهيئة ،هيئة عدم الإيمان ،والتكذيب بالقرآن ،على هذه الهيئة نظمناه في قلوبهم وأجريناه ،فهو لا يجري فيها إلا مكذبا به ،ويظل على هيئته هذه في قلوبهم ،حتى يروا العذاب الأليم .
{فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون}
وقد بقى بعضهم فعلا على هذا الوضع ،حتى فارق هذه الأرض بالقتل أو الموت ،ومن ثم إلى العذاب الأليمxii .
وخلاصة المعنى:
لقد تمكن التكذيب في قلوب أهل مكة ،كما تمكن في قلوب الأمم التي كذبت أنبياءها ،كقوم نوح ومن بعدهم ،فكيفما فعل بهم ،وعلى أي وجه دبر أمرهم ،فلا سبيل إلى أن يتغيروا عما هم عليه من جحود وإنكار ،{لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم} لا يصدقون بالقرآن ،بل يستمرون على ما هم عليه ،حتى يعاينوا العذاب .
قال تعالى:{ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين} [ الأنعام: 7] .
{فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون} .
ينزل بهم العذاب فجأة{وهم لا يشعرون} ،قبل ذلك بمجيئه حتى يفجأهم
{فيقولوا هل نحن منظرون}
فيقولون على وجه التحسر والأسف ،والتمني للإمهال ،هل نؤخر إلى حين ؟وهل يؤجل هلاكنا حتى نؤمن ونتدارك ما فاتنا ؟
وقريب من ذلك قوله تعالى: وليس التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما} [ النساء: 18] .
وقوله تعالى:{وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين*ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون} [ المنافقون: 10 ،11] .