المفردات:
سيريكم آياته: دلائل قدرته ،وأمارات سلطانه في الدنيا والآخرة .
التفسير:
93-{وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون}
وقل يا محمد: الشكر لله فهو أهل للثناء والحمد ،له الشكر على ما أنعم ،وله الحمد في الأولى والآخرة ؛فهو سبحانه الخالق الرازق المنعم المتفضل ،له الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يرضى ويحب ،وله الحمد بعد الرضا ،وله الحمد في الأولى والآخرة .
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:
( يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ،رضينا بالله تعالى ربا ،وبالإسلام دينا ،وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا )29 .
( اللهم ربنا ولك الحمد ،حمدا كثيرا طيبا طاهرا مباركا فيه كما ترضي ربنا وتحب ،ملء السماء ،وملء الأرض ،وملء ما بينهما ،وملء ما شئت من شيء بعد ،أحق ما قال العبد ،وكلنا لك عبد ،ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) .
{سيريكم آياته فتعرفونها ..}
سيطلعكم الله على دلائل قدرته ،وعظيم نعمائه في الكون والآفاق ،وفي آفاق النفس وأقطار العلم: فتعرفون وحدانيته وعظمته ،قال تعالى:{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد} [ فصلت: 53]
أو سيريكم آياته يا أهل مكة في بلاغة القرآن وإعجازه وصدقه ،حيث هزمتم يوم بدر ،وانتصر المسلمون بعد ذلك حتى فتحوا مكة ،ودخل الناس في دين الله أفواجا .
{وما ربك بغافل عما تعملون} .
فهو مطلع وشاهد ،وسيحاسب الناس ويجازيهم على أعمالهم ،وهكذا تختم السورة بهذا التعبير الملفوف ،اللطيف المخيف ،ثم يدعهم يعملون ما يعملون ،وفي أنفسهم أثر الإيقاع العميق: وما ربك بغافل عما تعملون .
روى أن عمر بن عبد العزيز ،قال: فلو كان الله مغفلا شيئا لأغفل ما تعفى الرياح من أثر قدمي ابن آدم .وكان الإمام أحمد بن حنبل كثيرا ما ينشد هذين البيتين:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل *** خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة *** ولا أن ما يخفى عليه يغيب .
والحمد لله رب العالمين ،وصلاته وسلامه على النبي الأمي ،وعلى آله وصحبه أجمعين ،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .