/م35
المفردات:
كيدا: مكرا وشرا .
المكيدون: الذين يحيق بهم الشرّ ،ويعود إليهم وباله .
التفسير:
42-{أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} .
هل يريدون تدبير أذى للرسول صلى الله عليه وسلم ؟لا يستطيعون ذلك ،فالله يعصمه من الناس ،وسيقع جزاء كيدهم وشرّهم بهم .
وهذه الآية من إعجاز القرآن وإخباره بالغيب ،فقد نزلت قبل الهجرة ،حيث اجتمع الكفار في دار الندوة ،يدبِّرون الكيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
فمنهم من يرى حبسه ،ومنهم من يرى نفيه خارج مكة ،ومنهم من يرى أن يُختار من كل قبيلة شاب ،ويعطى كل شاب سيفا صارما بتارا ،ويضرب الجميع محمدا ضربة رجل واحد ،وبذلك يتفرق دمه في القبائل ،فلا يقدر بنو عبد مناف على قتالهم ،فيقلبون الدِّية في دمه ،ثم استقروا واتفقوا على هذا الرأي ،لكن الله تعالى أبطل كيدهم ،وحفظ رسوله صلى الله عليه وسلم ،وأخرجه من بينهم ،وقد أعمى الله أبصارهم عنه ،ويسَّر طريق الهجرة لرسوله صلى الله عليه وسلم ثم هزمهم الله في بدر ،وظل شأنهم في انحدار ،وشأن الرسول صلى الله عليه وسلم في ارتفاع ،حتى فتحت مكة ،ودخل الناس في دين الله أفواجا .
من حاشية الجمل
أريد أن أنقل لك نبذة وصورة من حاشية الجمل على تفسير الجلالين ،لتحيط بأسلوب التأليف للشيخ سليمان بن عمر العجيلي الشافعي بالجمل المتوفى سنة 1204 ه ،حيث يقول ( 4/220 ):
{أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا ...}
أي: مكرا وتحيلا في هلاكك .
وفي المصباح: كاده كيدا ،من باب باع ،خدعه ومكر به ،والاسم: المكيدة ،أ . ه .
والاستفهام إنكاري ،على معنى نفي اللياقة والانبغاء ،أي: لا ينبغي ولا يليق منهم هذه الإرادة ،أي التشاور والاجتماع على كيدك ،كما ذكر في قوله تعالى:{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} .( الأنفال: 30 )
وكان هذا المكر في دار الندوة ،وهي دار من دور أهل مكة .
والظاهر أنه من الإخبار بالغيب ،فإن السورة مكية ،وذلك الكيد كان وقوعه ليلة الهجرة .
{فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} .
هذا من وقوع الظاهر موقع الضمير ،تنبيها على اتصافهم بهذه الصفة القبيحة ،والأصل: أم يريدون كيدا فهم المكيدون .أو حكم على جنس هم نوع منه ،فيندرجون فيه اندراجا أوليا ،لتوغلهم في هذه الصّفة .
ثم أهلك الله الكافرين في غزوة بدر وما بعدها من غزوات . vi