/م23
32-{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} .
لقد يسرنا القرآن للتذكر والاتعاظ والاعتبار بالأحداث والوقائع ،فهل من متعظ ومعتبر ؟
"وهذا العذاب الذي أصاب ثمود ،عُبر عنه في سورة هود بالصيحة ،قال تعالى:
{وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين} .( هود: 67 ) .
وعبر عنه في سورة الأعراف بالرجفة ،قال تعالى:
{فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين} .( الأعراف:78 ) .
وعبر عنه في سورة فصلت بالصاعقة ،قال تعالى:
{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} .( فصلت: 17 )
وعبر عنه في سورة الحاقة بالطاغية ،قال تعالى:
{فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية} .( الحاقة: 5 )
ولا تعارض بين هذه التعبيرات ،لأنها متقاربة في معناها ،ويكمّل بعضها بعضا ،وهي تدل على شدة ما أصابهم من عذاب "ix .
وعند التأمل نجد أن القرآن الكريم سمّى عذابهم بالصيحة والرجفة والصاعقة والطاغية ،وكلها أمور تلازم حادثة الهلاك المدمّر التي نزلت بهم ،عندما يصيح الملاك بهم صيحة شديدة ترتجف الأرض بهم ،ثم تأخذهم صاعقة مهلكة ،وقد تكون الصيحة صاعقة ،أو تكون الصاعقة أثرا من آثار الصيحة ،وتسمى طاغية لأنها تعبّر عن التدمير المهلك ،الذي طغى على الهدوء والنعمة والرخاء الذي كانوا يتمتعون به .
إن هناك ناموسا إلهيا أوجده الله ،نراه في هدوء الكون وامتثاله ،ومع هذا فإن هناك ناموس الانتقام العادل من الطغاة البغاة ،بصيحة صاعقة راجفة طاغية ،وكلها تعبّر عن الهلاك المُدمِّر الذي أصاب هؤلاء الباغين .