صفة نعيم السابقين
{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ( 13 ) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ ( 14 ) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ( 15 ) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ( 16 ) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ( 17 ) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ( 18 ) لاَ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنْزِفُونَ ( 19 ) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ( 20 ) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ( 21 ) وَحُورٌ عِينٌ ( 22 ) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ( 23 ) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( 24 ) لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلاَ تَأْثِيمًا ( 25 ) إِلَّا قِيلاً سَلامًا سَلامًا ( 26 )}
/م13
المفردات:
ثلة: الثلة الجماعة قلت أو كثرت ،وقال الزمخشري: هم أمة من الناس كثيرة .
الأولين: الأمم الماضية قبل الرسول صلى الله عليه وسلم ،أو الأولين من صدر أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
الآخرين: أمة محمد صلى الله عليه وسلم ،أو المتأخرين منهم .
التفسير:
13 ، 14-{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ} .
إن السابقين المقربين إلى الله هم جماعة كثيرة من السابقين من الأمم ،من عهد آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم ،الذين اتبعوا أنبياءهم واقتربوا منهم ،وجاهدوا في سبيل تبليغ دعوتهم ،أو الأنبياء ومن سارع إلى تصديقهم والجهاد معهم .
{وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ} .
أي: المؤمنون السابقون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قليل بالنسبة لمن سبق من الأمم ،وذلك لكثرة الأمم التي سبقت أمة الإسلام .
قال تعالى:{وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح ...} ( الإسراء: 17 ) .
لقد أرسلنا عددا كبيرا من الرسل من بعد نوح ،منهم من قصصنا عليك يا محمد ،ومنهم من لم نقصص عليك .
وقد رجح الإمام ابن جرير الطبري هذا الرأي ،ولكن الإمام ابن كثير رأى أن هذا الرأي ضعيف .
ثم قال ابن كثير:
لأن هذه الأمة الإسلامية هي خير الأمم بنص القرآن ،فالقول الراجح أن يكون المراد بقوله تعالى:{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ} .أي: من صدر الأمة الإسلامية ،والمراد بقوله تعالى: وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ .أي: من هذه الأمة .
روي عن الحسن أنه قرأ هذه الآية:{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} .
فقال: أما السابقون فقد مضوا ،ولكن اللهم اجعلنا من أصحاب اليمين .
وعن محمد بن سيرين أنه قال في هذه الآية:{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ} .قال: كانوا يقولون أو يرجون أن يكونوا كلهم من هذه الأمة ،فهذا قول الحسن وابن سيرين أن الجميع من هذه الأمةix .
وقد ثبت في الصحاح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"خير القرون قرني ،ثم الذين يلونهم ،ثم الذين يلونهم "x .( أخرجه الشيخان ) .
وقال صلى الله عليه وسلم:"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ،لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى قيام الساعة ".وفي لفظ"حتى يأتي أمر الله تعالى وهم كذلك "xi .
ورأى بعض المفسرين أن أول كل أمة خير من آخرها ،فيحتمل أن تعم الآية جميع الأمم ،كل أمة بحسبها .
وجاء في حاشية الجمل:
وعبارة الخازن: وذلك لأن الذين عاينوا جميع الأنبياء وصدّقوهم من الأمم الماضية ،أكثر من الذين عاينوا النبي صلى الله عليه وسلم وآمنوا به .أ . ه .