وحدة الشرائع في أصولها ،وصلة الإسلام بما قبله
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ( 26 ) ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ( 27 ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 28 ) لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ( 29 )}
/م26
المفردات:
جعلنا في ذريتهما النبوة: جعلنا في ذرية نوح وإبراهيم النبوة .
والكتاب: الكتب الأربعة: التوراة ،والإنجيل ،والزبور ،والقرآن .
فمنهم مهتد: من الذرية ،أو من المرسل إليهم .
فاسقون: خارجون عن الطريق المستقيم .
التفسير:
26-{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} .
أي: أرسلنا نوحا إلى قومه ،وأرسلنا إبراهيم إلى قوم آخرين ،ولم يرسل الله رسولا بعد نوح إلا من ذريته ،ولم يرسل الله رسولا بعد إبراهيم إلا من ذريته وسلالته ،كما قال سبحانه في الآية الأخرى:{وجعلنا ذريته النبوة والكتاب ...} ( العنكبوت: 27 ) .
والآية تشير إلى وحدة الرسالات والنبوات ،ووحدة الكتب السماوية في مضمونها وتشريعاتها ووصاياها ،فهي كتب الله لهداية عباد الله ،لكن البشر انقسموا إلى فريقين: فريق مهتد بهدى السماء فله أجره وثوابه ،وفريق خرج عن الطريق المستقيم وعليه وزره وعقابه .
وقد تميز عهد نوح بالطوفان الذي يعتبر طورا جديدا في مسيرة الإنسانية ،ولذلك قيل عنه إنه آدم الثاني ،أما إبراهيم فهو أبو الملّة ،فله موقف مع أبيه ،وموقف مع ابنه حيث ارتحل به إلى مكة ،ثم نبع زمزم ،وقصة السعي بين الصفا والمروة ،وذبح الأضحية في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم لإحياء ذكرى عزيمة إبراهيم على ذبح ولده ،ويمكن التأمل في شجرة الأنبياء في التوضيح التالي:
( الخطاطة )