/م16
المفردات:
ثم نتبعهم الآخرين: نحن نتبعهم نظراءهم ،ككفار مكة .
ماء مهين: مني ضعيف ذليل ،وهو النطفة .
قرار مكين: مكان حصين حريز ،وهو الرحم .
إلى قدر معلوم: إلى وقت الولادة .
فقدرنا: قدّرنا ذلك وأحكمناه .
التفسير:
20 ،21 ،22 ،23 ،24- ألم نخلقكم من ماء مهين* فجعلناه في قرار مكين* إلى قدر معلوم* فقدرنا فنعم القادرون* ويل يومئذ للمكذبين .
يخاطب القرآن الخلق ،ويلوّن في أسلوب الخطاب ،ويدعو الإنسان إلى التفكّر في أصله فيقول: ألم نخلقكم أيها الخلق من ماء ضعيف ،نطفة مزرة ؟
وكلمة: مهين .بزنة فعيل ،ومادته: مهن ،أي ضعف ،والميم فيها أصلية .
وأكثر المفسرين ذهب إلى أن معنى: مهين .وضيع حقير ،أما الطبري شيخ المفسرين فقال: المهين هو الضعيف . اه .
وإذا تأملنا أن الله تعالى كرّم بني آدم ،رجحنا أن يكون معنى مهين: ضعيف ،أبعد ما يكون عن الحياة والقوّة والحركة ،لولا أن تلقفته يد القدرة الإلهية .
وأتمنى أن نبتعد عن تسمية المنيّ بأنه مهين بمعنى حقير أو ذليل ،بل معناه اللغويّ من مادة مهن لا هان ،ومهن معناه ضعف ،ومهين معناه ضعيف ،وليس المعنى أنه حقير ،وليس معناها هان بمعنى ذلّ والمنيّ مهين بمعنى ضعيف ،أي لولا وضعه في الرحم في قرار مكين ،لما كان له وجود ولا حياة ولا شموخ وتعال ،فلماذا تتكبّر أيها الإنسان على خالقك ،ولولا يد القدرة ما كنت شيئا مذكورا ؟
قال تعالى: هل أتى على الإنسان حين من الدّهر لم يكن شيئا مذكورا .( الإنسان: 1 ) .
عود إلى التفسير
ألم تخلقكم يد القدرة الإلهية من ماء مهين ،هو المنيّ الذي يخرج من صلب الرجل فيصب في رحم المرأة ؟
فجعلناه في قرار مكين .
فجعلنا هذا الماء المهين في مكان حريز حصين ،وهو رحم المرأة ،المؤهل للمحافظة على هذه النطفة ،حيث تمسك بجدار الرحم ،وتعلق به وتتشبت به ،فلا تفلت منه ،ثم تتحول إلى مراحل متعددة .
إلى قرار معلوم .زمن مقدّر ،وهو وقت الولادة .
فقدرنا فنعم القادرون .
فقدرنا على خلقه بشرا سويّا في أحسن تقويم ،معه العقل والإرادة والسمع والصبر ،ومزود بالأجهزة البديعة ،مثل: الجهاز الهضمي ،والجهاز العصبي ،والجهاز التناسلي ،والجهاز اللمفاوي .
فنعم القادرون .
أنعم وأكرم بقدرة الله وحده ،الذي خلق الإنسان من منيّ يمنى ، ثم أنشأه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين .
ويل يومئذ للمكذبين .
أي: في يوم القيامة الويل والعذاب الأليم للمكذبين بقدرة الله ،فهو الذي خلق الإنسان من مني يمنى ،ومن بدأ الخلق قادر على إعادته ،بل الإعادة أهون من البدء ،فمن كذّب بالبعث والجزاء فله الويل والعذاب يومئذ ،أي يوم القيامة .