قوله تعالى:{فبدل الذين ظلموا} أي فاختار الذين ظلموا منهم على وجه التبديل ،والمخالفة{قولاً غير الذي قيل لهم}: وذلك أنهم قالوا:"حنطة في شعيرة "بدلاً عن قولهم:"حطة "..
وفي قوله تعالى:{فبدَّل الذين ظلموا} إظهار في موضع الإضمار ؛ومقتضى السياق أن يكون بلفظ: فبدلوا قولاً ..إلخ ،وللإظهار في موضع الإضمار فوائد من أهمها: .
أولاً: تحقيق اتصاف محل المضمر بهذا الوصف ؛معنى ذلك: الحكم على هؤلاء بالظلم .. ثانياً: أن هذا مقياس لغيرهم أيضاً ؛فكل من بدل القول الذي قيل له فهو ظالم ؛فيؤخذ منه تعميم الحكم بعموم علة الوصف ..
ثالثاً: التنبيه أعني تنبيه المخاطب ؛لأنه إذا جاء الكلام على خلاف السياق انتبه المخاطب ..
قوله تعالى:{فأنزلنا} الفاء للسببية ؛والمعنى: فبسبب ما حصل منهم من التبديل أنزلنا{على الذين ظلموا} أي عليهم ؛{رجزاً} أي عذاباً ؛لقوله تعالى:{لئن كشفت عنا الرجز} [ الأعراف: 134] .أي العذاب .{لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل} [ الأعراف: 134] ،والعذاب غير الرجس ؛لأن الرجس النجس القذر ؛والرجز: العذاب ،{من السماء} أي من فوقهم ،كالحجارة ،والصواعق ،والبَرَد ،والريح ،وغيرها ؛والمراد ب{السماء} هنا العلوّ ،ولا يلزم أن يكون المراد بها السماء المحفوظة ؛لأن كل ما علا فهو سماء ما لم يوجد قرينة كما في قوله تعالى:{وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتها معرضون} [ الأنبياء: 3]
قوله تعالى:{بما كانوا يفسقون}: الباء هنا للسببية .أي بسبب ؛و"ما "مصدرية .أي بكونهم فسقوا ؛وإذا كانت مصدرية فإنه يحول ما بعدها من الفعل ،أو الجملة إلى مصدر ؛و{كانوا}: هل المراد فيما مضى ؛أم المراد تحقيق اتصافهم بذلك ؟الجواب: الثاني ؛وهذا يأتي في القرآن كثيراً ؛و{يفسقون} أي يخرجون عن طاعة الله عزّ وجلّ ..
/خ59