ولكن ماذا كان من بني إسرائيل عند دخول بيت المقدس ؟بل إنهم لم يفعلوا ما أمروا به ،ولم يقولوا ماكلفوا بقوله ،بل خالفوا ما أمروا به من قول وفعل ولذا قال تعالى:{فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ...}
المفردات:
فبدل .. قولا غير الذي قيل: أي جاء بذلك القول مكان القول الأول .
والرجز: العذاب .
التفسير:
فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم .
أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فال: ( قيل لبني إسرائيل:ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة ،فبدلوا ودخلوا يزحفون على أستاهم وقالوا حبة في شعيرة )( 156 ) .
وقال الإمام ابن كثير ( وحاصل ما ذكره المفسرون وما دل عليه السياق أنهم بدلوا أمر الله لهم من الخضوع بالقول والفعل ،فأمروا أن يقولوا حطة ،أي احطط عنا ذنوبنا وخطايانا فاستهزؤوا وقالوا حنطة في شعيرة ،وهذا في غاية ما يكون من المخالفة والمعاندة ؛ولهذا أنزل الله بهم بأسه وعذابه بفسقهم وخروجهم عن طاعته ) ( 157 ) .
والفعل ( بدل ) يقتضي بدلا ومبدلا منه ،إلا أن مقام الإيجاز في الآية استدعى الاكتفاء بذكر البدل دون ذكر المبدل منه .والتقدير فاختار الذين ظلموا بالقول الذي أمرهم الله به قولا آخر اخترعوه من عند أنفسهم على وجه المخالفة والعصيان .
وقوله تعالى: فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون .والرجز في لغة العرب هو العذاب سواء أكان بالأمراض المختلفة أم بغيرها .
ولم يعين الكتاب هذا الرجز فنتركه مبهما ،وإن كان كثير من المفسرين قالوا إنه الطاعون ،وقد ابتلى الله بني إسرائيل بضروب من النقم عقب كل نوع من أنواع الفسوق والظلم ،فأصيبوا بالطاعون كثيرا وسلط عليهم أعداؤهم ،وقوله بما كانوا يفسقون أي بسبب تكرار فسقهم وعصيانهم ومخالفتهم أوامر دينهم .