{ فبدّل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون 59} .
{ وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين * فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون} .
هذا إشارة إلى ما حلّ ببني إسرائيللما نكلوا عن الجهادودخولهم الأرض/ المقدسةأرض كنعانلما قدموا من بلاد مصر صحبة موسى عليه السلام .وإنما أطلق على الأرض المذكورة قرية ،لأن القرية:كل مكان اتصلت به الأبنية واتخذ قراراً .وتقع على المدن وغيرهاكذا في ( كفاية المتحفّظ )ثم إن ما قصّهناذكر في سورة المائدة في قوله تعالى:{ وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين * يا قوم ادخلوا الأرض المقدّسة التي كتب الله لكم ولا ترتدّوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين * قالوا يا موسى إن فيها قوما جبّارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون}{[591]} الآيات .
/ وقوله سبحانه:{ فبدّل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم} أي:بدّلوا أمره تعالى لهم – بدخول الأرض مجاهدين – بالإحجام عنه ،وتثبيط الناس .ولذا قال أبو مسلم ( قوله تعالى:{ فبدّل} يدلّ على أنهم لم يفعلوا ما أمروا به ،لا على أنهم أتوا له ببدل .والدليل عليه:أن تبديل القول قد يستعمل في المخالفة .قال تعالى:{ سيقول المخلّفون إذا انطلقتم – إلى قوله - يريدون أن يبدّلوا كلام الله}{[592]} ولم يكن تبديلهم إلا الخلاف في الفعل لا في القول .فكذا هنا ،فيكون المعنى:إنهم لما أمروا بدخول الأرض – وما ذكر معه - لم يمتثلوا أمر الله ولم يلتفتوا إليه ) .
وفي تكرير{ الذين ظلموا} زيادة في تقبيح أمرهم ،وإيذان بأن إنزال الرجز عليهم لظلمهم .و( الرجز ):هو الموت بغتة ،كما تقدّم .
قال الراغب:وتخصيص قوله:{ رجزا من السماء} هو أن العذاب ضربان:ضرب قد يمكن - على بعض الوجوه - دفاعه ،أو يظنّ أنه يمكن فيه ذلك ،وهو كل عذاب على يد آدميّ ،أو من جهة المخلوقات كالهدم والغرق .وضرب لا يمكن – ولا يظن - دفاعه بقوة آدميّ – كالطاعون ،والصاعقة ،والموت - وهو المعنيّ بقوله:{ رجزا من السماء} اه .