وقوله تعالى:( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ) قال البخاري:حدثني محمد ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن ابن المبارك ، عن معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:قيل لبني إسرائيل:( ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة ) فدخلوا يزحفون على استاههم ، فبدلوا وقالوا:حطة:حبة في شعرة .
ورواه النسائي ، عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن مهدي به موقوفا وعن محمد بن عبيد بن محمد ، عن ابن المبارك ببعضه مسندا ، في قوله تعالى:( حطة ) قال:فبدلوا . فقالوا:حبة .
وقال عبد الرزاق:أنبأنا معمر ، عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:قال الله لبني إسرائيل:( وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم ) فبدلوا ، ودخلوا الباب يزحفون على استاههم ، فقالوا:حبة في شعرة .
وهذا حديث صحيح ، رواه البخاري عن إسحاق بن نصر ، ومسلم عن محمد بن رافع . والترمذي عن عبد بن حميد ، كلهم عن عبد الرزاق ، به . وقال الترمذي:حسن صحيح .
وقال محمد بن إسحاق:كان تبديلهم كما حدثني صالح بن كيسان ، عن صالح مولى التوأمة ، عن أبي هريرة ، وعمن لا أتهم ، عن ابن عباس:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:دخلوا الباب - الذي أمروا أن يدخلوا فيه سجدا - يزحفون على استاههم ، وهم يقولون:حنطة في شعيرة .
وقال أبو داود:حدثنا أحمد بن صالح ، وحدثنا سليمان بن داود ، حدثنا عبد الله بن وهب ، حدثنا هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم:قال الله لبني إسرائيل:( ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم ) ثم قال أبو داود:حدثنا جعفر بن مسافر ، حدثنا ابن أبي فديك ، عن هشام بن سعد ، مثله .
هكذا رواه منفردا به في كتاب الحروف مختصرا .
وقال ابن مردويه:حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا إبراهيم بن مهدي ، حدثنا أحمد بن محمد بن المنذر القزاز ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، قال:سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من آخر الليل ، أجزنا في ثنية يقال لها:ذات الحنظل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:ما مثل هذه الثنية الليلة إلا كمثل الباب الذي قال الله لبني إسرائيل:( ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم ) .
وقال سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن البراء:( سيقول السفهاء من الناس ) [ البقرة:142] قال اليهود:قيل لهم:ادخلوا الباب سجدا ، قال:ركعا ، وقولوا:حطة:أي مغفرة ، فدخلوا على استاههم ، وجعلوا يقولون:حنطة حمراء فيها شعيرة ، فذلك قول الله تعالى:( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ) .
وقال الثوري ، عن السدي ، عن أبي سعد الأزدي ، عن أبي الكنود ، عن ابن مسعود:( وقولوا حطة ) فقالوا:حنطة حبة حمراء فيها شعيرة ، فأنزل الله:( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم )
وقال أسباط ، عن السدي ، عن مرة ، عن ابن مسعود أنه قال:إنهم قالوا:هطي سمعاتا أزبة مزبا فهي بالعربية:حبة حنطة حمراء مثقوبة فيها شعرة سوداء ، فذلك قوله:( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم )
وقال الثوري ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن سعيد ، عن ابن عباس في قوله:( ادخلوا الباب سجدا ) ركعا من باب صغير ، فدخلوا من قبل استاههم ، وقالوا:حنطة ، فهو قوله تعالى:( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم )
وهكذا روي عن عطاء ، ومجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، ويحيى بن رافع .
وحاصل ما ذكره المفسرون وما دل عليه السياق من الحديث أنهم بدلوا أمر الله لهم من الخضوع بالقول والفعل ، فأمروا أن يدخلوا سجدا ، فدخلوا يزحفون على استاههم من قبل استاههم رافعي رؤوسهم ، وأمروا أن يقولوا:حطة ، أي:احطط عنا ذنوبنا ، فاستهزؤوا فقالوا:حنطة في شعرة . وهذا في غاية ما يكون من المخالفة والمعاندة ؛ ولهذا أنزل الله بهم بأسه وعذابه بفسقهم ، وهو خروجهم عن طاعته ؛ ولهذا قال:( فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون )
وقال الضحاك عن ابن عباس:كل شيء في كتاب الله من الرجز يعني به العذاب .
وهكذا روي عن مجاهد ، وأبي مالك ، والسدي ، والحسن ، وقتادة ، أنه العذاب . وقال أبو العالية:الرجز الغضب . وقال الشعبي:الرجز:إما الطاعون ، وإما البرد . وقال سعيد بن جبير:هو الطاعون .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن إبراهيم بن سعد - يعني ابن أبي وقاص - عن سعد بن مالك ، وأسامة بن زيد ، وخزيمة بن ثابت ، رضي الله عنهم ، قالوا:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:الطاعون رجز عذاب عذب به من كان قبلكم .
وهكذا رواه النسائي من حديث سفيان الثوري به . وأصل الحديث في الصحيحين من حديث حبيب بن أبي ثابت:إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها الحديث .
قال ابن جرير:أخبرني يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وهب ، عن يونس ، عن الزهري ، قال:أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أسامة بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال:إن هذا الوجع والسقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكم . وهذا الحديث أصله مخرج في الصحيحين ، من حديث الزهري ، ومن حديث مالك ، عن محمد بن المنكدر ، وسالم أبي النضر ، عن عامر بن سعد ، بنحوه .