وقوله:{إذ يتلقى المتلقيان} هما ملكان بين الله مكانهما من العبد ،فقال:{عن اليمين وعن الشمال قعيد} ،ولم يقل على اليمين وعلى الشمال ،لأنهما ليسا على كتفيه ،بل هما في مكان قريب ،أقرب من حبل الوريد ،ولكن قد يقول قائل ملحد: أنا ألتمس حولي لا ألمس أحداً ،أين القعيد ؟فنقول: هذا من علم الغيب الذي لا تدركه عقولنا ،وعلينا أن نصدق به ونؤمن به ،كما لو لمسناه بأيدينا ،أو شاهدناه بأعيننا ،أو غير ذلك من أدوات الحس ،علينا أن نؤمن بذلك ،لأنه قول الله - عز وجل -{عن اليمين وعن الشمال قعيد} ،قاعد مستقر ،أحدهما يكتب الحسنات ،والثاني يكتب السيئات ،هذا المكتوب عرضة للمحو والإثبات ، لأن المكتوب الذي بأيدي الملائكة عرضة للمحو والإثبات لقول الله تعالى:{يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} .يعني أصل أم الكتاب هو لوح محفوظ مكتوب فيه ما يستقر عليه العبد ،فما يستقر عليه العبد مكتوب ،لكن ما كان قابلاً للمحو والإثبات في أيدي الملائكة ،قال الله - عز وجل -:{وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} .حسنة تذهب السيئة وتمحوها بعد أن كتبت ،وهذا باعتبار ما في أيدي الملائكة ،أما أم الكتاب الأصل مكتوب فيها ما يستقر عليه العبد ،نسأل الله أن يجعلنا ممن يستقر على الإيمان والثبات في الدنيا والآخرة .