بعد أن تم تقرير القبلة ،وما واكبه من امتحان كبير للمؤمنين ،وما لاقوه من اليهود والمنافقين والمشركين .وبعد بيان نعم الله على المؤمنين ،شرع سبحانه في توجيه هذه الأمة توجيها عظيما ،وتوطينها على احتمال الشدائد ،وتعويد النفوس على التضحية .وأعظم شيء يواجه الانسان به كل هذه المكاره هو الصبر ،ولذلك قال تعالى: يا أيها المؤمنون ،استعينوا في كل ما تأتون وما تذرون بالصبر ،فإنه أمر عظيم ،ومزية كبرى وليس الصبر مجرد الاستسلام والخنوع أمام الحوادث ،إن ذلك عجز وصغار لا يرضى بهما الله لعباده المؤمنين ،وإنما هو تحمُّل مع عمل دائب مدروس .
وكذلك بالصلاة ،وهي الوقوف بين يدي الله تعالى ومناجاته بخشوع وتدبر ،وطلب المعونة والهداية منه .بذلك يطهُر جسد المؤمن ،كما تطهر روحه .
وقد خص الصبر والصلاة معاً ،لأن الصبر أشد الأعمال الباطنية على البدن ،والصلاة أشد الأعمال الظاهرة عليه .وقد روى الإمام أحمد في مسنده عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبه أمر صلّى » .
فالصبر والصلاة من أقوى عُدد المؤمن في هذه الحياة ،إن الله مع الصابرين .