بعدما تقدم لنا من إرشادات شافية ،وبيانات عن طريق الهدى والصراط المستقيم ،يعود السياق هنا إلى بني إسرائيل ،وذلك للتحذير من مواقفهم العديدة ضد الإسلام ،وإشعالهم الفتنَ قديماً وحديثاً .
أوجّه انتباه القارىء هنا إلى أن اليهود دائما هم أصحاب الفتن ومثيرو القلاقل في العالم من قديم الزمان ،هذه طبيعتهم .أليسوا الآن هم الذين أقلقوا العالم كله بفتنهم وتنكرهم لكل قيم !لذلك يعود القرآن هنا إلى التحذير منهم ،فيقول: سل يا محمد ،بني إسرائيل: كم سقنا إليهم الأدلة القاطعة على صدق ما جئتَ به من عند الله ،وفي ذلك نعمة هدايتهم إلى الله ،فكفروا بهذه الأدلة وعمدوا إلى تبديلها .فبعد أن وُضعت الأدلة للهداية ،أصبحت بالنسبة لكفر هؤلاء بها سبباً في زيادة ضلالهم وإثمهم ..ومن يبدل نعمة الله بهذه الصورة يحق عليه العذاب .إن الله شديد العقاب .وفي هذا عبرة لنا حيث بدلنا نعمة الله وهي الاعتصام بحبله ،فحلّ بنا ما حل من تمزق وتشتت وتخاذل .