فقلنا على لسان موسى: اضربوا القتيل بجزء من هذه البقرة ،فلما فعلتم ،أحيى الله القتيل ،وذكر اسم قاتله ،ثم سقط ميتا ..وتلك معجزة من الله لنبيه موسى ،والله على كل شيء قدير .
جميع المفسرين مجمعون على أن ضرب القتيل كان بجزء من البقرة ،وإن اختلفوا في تعيين ذلك الجزء .ومعرفة هذا الجزء لا تنقص ،ولا تزيد في قدر المعجزة ،وإنما هي علم لا يفيد أحدا .
وقد خالف المرحوم عبد الوهاب النجار في تفسير «اضربوه ببعضها » في كتابه قصص الأنبياء ص 259-262 وقال: المراد: بعض أجزاء القتيل ،يعني أن يضرب المتهم بجزء من جسم القتيل ،هذا ما نفهم من كلامه ،وهو يقول: إن قصة ذبح البقرة منفصلة عن قصة القتل ،وكل واحدة على حدة .أما المراد بذبح البقرة ،فهو أن بني إسرائيل كانوا مع المصريين الذين يقدسون البقر ،وكانت فيهم بقية من هذا التقديس ،بدليل أنهم عبدوا تمثال العجل ،فكان لا بد لاقتلاع هذه البقية من نفوسهم ،تكليفهم ذبح البقرة ،فكان لذلك الأمرُ بالذبح ،وكان لذلك المجادلة والتلكؤ منهم ،فذبحوها وما كادوا يقومون بالذبح .
والرأي هنا أقرب إلى التعليل المنطقي ،لا مجرد التفسير .
ويريكم آياته وهي الإحياء وما اشتمل عليه من الأمور البديعة من ترتيب الحياة على الضرب بعضو ميت ،وإخبارُ الميت بقاتله ،مما ترتب عليه الفصل في الخصومة وإزالة أسباب الفتن والعداوة ،لعلكم تفقهون أسباب الشريعة وفائدة الخضوع لها .