/م72
وأما قوله{ فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى} فهو بيان لإخراج ما يكتمون .ويروون في هذا الضرب روايات كثيرة .قيل إن المراد اضربوا المقتول بلسانها وقيل بفخذها وقيل بذنبها ... وقالوا إنهم ضربوه فعادت إليه الحياة وقال:قتلني أخي أو ابن أخي فلان الخ ما قالوه ؛ والآية ليست نصا في مجمله فكيف بتفصيله .والظاهر مما قدمنا أن ذلك العمل كان وسيلة عندهم للفصل في الدماء عند التنازع في القاتل إذا وجد القتيل قرب بلد ولم يعرف قاتله ليعرف الجاني من غيره ، فمن غسل يده وفعل ما رسم لذلك في الشريعة برئ من الدم ومن لم يفعل ثبتت عليه الجناية .ومعنى إحياء الموتى على هذا حفظ الدماء التي كانت عرضة لأن تسفك بسبب الخلاف في قتل تلك النفس أي يحييها بمثل هذه الأحكام .وهذا الإحياء على حد قوله تعالى{ 5:32 ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا} وقوله{ ولكم في القصاص حياة} فالإحياء هنا معناه الاستبقاء كما هو المعنى في الآيتين .
ثم قال{ ويريكم آياته} بما يفصل بها في الخصومات ، ويزيل من أسباب الفتن والعداوات ، فهو كقوله تعالى{ 4:051 إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} وأكثر ما يستعمل مثل هذا التعبير في آيات الله في خلقه الدالة على صدق رسله .وليس عندي شيء عن شيخنا في تفسير هذه الجملة ولكنه قال في تعليلها ما يرجح القول الأول وهو{ لعلكم تعقلون} أي تفقهون أسرار الأحكام وفائدة الخضوع للشريعة ، فلا تتوهمون أن ما وقع مختص بهذه الواقعة في هذا الوقت ، بل يجب أن تتلقوا أمر الله في كل وقت بالقبول من غير تعنت .