تبين هذه الآية الكريمة حدَّ الزاني غير المتزوج والزانية غير المتزوجة إذا ثبت عليهما ذلك بإقرارهما أو بشهادةِ أربعة شهودٍ رأوا ذلك العملَ بأعينهم وحلفوا عليه ،فلو كانوا ثلاثةَ شهود لا تثبتُ الجريمة ،ولا يقع الحّد .وتنص الآية أن لا ترأفَ عند تنفيذ الحكم .وتطلب أن يكون ذلك بمشهدٍ من الناس ،ليكونَ في العقاب ردع لغيرهما من الناس .ويزاد على عقاب الجلد أن يغرَّب الزاني عاماً عن بلده عند جمهور العلماء ،وعند أبي حنيفة أن التغريب عائدٌ إلى رأي الإمام إن شاء غرَّبَ وإن شاء لم يغرِّب .
أما عقوبة الزاني المتزوج فقد ثبتت بالسنّة الشريفة أنها القتلُ رجماً بالحجارة .وكانت العقوبة في أول الإسلام: للمرأة الحبسُ في البيت والأذى والتعيير ،وللرجل الأذى والتعيير كما تنص الآية على ذلك من سورة النساء:{واللاتي يَأْتِينَ الفاحشة مِن نِّسَآئِكُمْ فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البيوت حتى يَتَوَفَّاهُنَّ الموت أَوْ يَجْعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلاً} الآيتان 15 ،16 .ثم نسخ هذا الحكم بهذه الآية .
فالاسلام جاء ليحافظ على المصالح المعتبرة وهي خمس:
1 - المحافظة على النفس .
2 - المحافظة على الدين .
3 - المحافظة على العقل .
4 - المحافظة على المال .
5 - المحافظة على العِرض .
فالقتلُ اعتداءٌ على النفس ،والردّةُ اعتداء على الدين ،وتعاطي الخمر والمخدّرات اعتداء على العقل ،والسرقةُ اعتداء على المال ،والزنا اعتداء على العرض .
قراءات:
قرأ ابن كثير:{رآفة} بفتح الهمزة ومدها ،والباقون:{رأْفة} بإسكان الهمزة .