السّراء: الرخاء .
الضّراء: الشدة والضيق .
الكاظمين الغيظ: الذين يضبطون أعصابهم فيكفّون عن الانتقام .
بعد أن نهى سبحانه عن الربا من خلال الآيات التي سبق ،وفيها تلوح صورة الغني القاسي القلب الذي يحصر همَّه كله في جمع المال من أية جهة كانت ،بيّن لنا في هذه الآيات صورة الأغنياء المتقِين الذين ينفقون أموالهم في السرّاء والضراء ،ويأخذون بيد الفقراء فيبذلون لهم الأموال ابتغاء مرضاة الله فقال: إنهم الذين ينفقون أموالهم إرضاءً لله في حالة الضيق والعسر ،وفي حالة الرخاء واليسر .ونحن نعلم أن بذل المال للفقراء والمحتاجين وفي سبيل الله من أهمِّ علامات التقوى .كما أن الشحَّ والبخلَ من علامة عدم التقوى .والتقوى هي السبيل الموصل إلى الجنة .وهم أيضا{والكاظمين الغيظ} أي الذين يمسكون أنفسهم عن الانتقام مع القدرة عليه .
ثم أردف تعالى بمزية عظيمة أخرى وهي قوله:{والعافين عَنِ الناس} أي الذين يتجاوزون عن ذنوب الناس ويتركون مؤاخذتهم مع القدرة على ذلك .وتلك منزلةٌ من ضبط النفس وملْكِ زمامها قلّ من يصل إليها .وهي أرقى من كظم الغيظ ،إذ ربما كظم المرء غيظه على الحقد والضغينة ،فالله سبحانه وتعالى يريدنا أن نكظم غيظنا ونعفو عن الناس وننسى إساءتهم .وقد روى الطبراني عن أُبيّ بن كعب أن رسول الله قال: «من سرَّه أن يُشرف له البنيان ،وتُرفع له الدرجات فليعفُ عمَّن ظلمه ،ويعطِ من حرمه ،ويصل من قطعه » .
{والله يُحِبُّ المحسنين} أي: أولئك الذين يتفضلون على عباده البائسين يواسونهم ببعض ما أُنعم عليهم .