وهذا أيضاً خطاب لمن شهد وقعة أُحد من المسلمين ،فقد كان كثيرٌ من الصحابة الذين لم يشهدوا معركة بدر يلحّون في الخروج إلى أحد حيث عسكر مشركو قريش ،ليكون لهم يومٌ كيوم بدر .قال ابن عباس: لما أخبرهم الله تعالى على لسان نبيه بما فعل لشهداء بدر من الكرامة ،رغبوا في الشهادة ،فتمَّنوا قتالاً يستشهدون فيه ..فنزلتْ آية: لقد كنتم ...تتمنون الموت قبل أن تلاقوا القوم ،فها أنتم أولاء ترون ما كنتم تتمنّونه وتنظرون إليه ،فما بالكم دهشتم عندما وقع الموت فيكم ،وما بالكم تحزنون وتضعفون !
وفي ذلك اليوم ثبت جماعة من الصحابة مع الرسول ( وكانوا نحو ثلاثين رجلا ) وذبّوا عنه إلى أن انتهت المعركة ،فيما تزعزع كثير منهم وضعفوا .وحين ارتفعت الصيحة أن محمداً قد قُتل كان لها وقعها الشديد على المسلمين ،حتى إن الكثيرين منهم فروا مصعِّدين في الجبل ،والرسول عليه السلام يناديهم وهم مولّون ،حتى رجعوا إليه وثبّت الله قلوبهم .وهنا ينبّهنا القرآن الكريم إلى أن الرسول بشرٌ يمكن أن يموت ،لكن رسالته تظل باقية إلى الأبد .