ذرْني ومن خلقتُ وحيدا: اتركني وإياه ولا تشغل قلبك به .وهذا الفعل
لا يستعمل منه إلا فعل الأمر والمضارع ،فلم تستعمل العرب منه الفعل الماضي .
ذرني وفلانا: كِلْه إليّ ....
وحيدا: خلقته في بطن أمه وحيدا لا مال له ولا ولد .وكان يقال للوليد بن المغيرة: الوحيد ،لأنه وحيد في قومه ،فمالُه كثير ،من إبلٍ وخيل وغنم وتجارة وزرع وعبيد وله عشرة أبناء الخ ....
في هذه الآيات عرضٌ لذِكر أحدِ زعماء قريش الكبار ،هو الوليدُ بن المغيرة .وكان من أكبر أثرياء قريش ورؤيائها ،يُقال له « العَدْل» لأنه كان عَدْلَ قريشٍ كلّها ،إذ كانت قريش تكسو البيتَ ،والوليد يكسوه وحدَه .وكان ممن حرَّم الخمرَ في الجاهلية ،ولكنه أدركَ الإسلامَ وهو شيخٌ كبير وعادى النبيّ عليه الصلاة والسلام وقاوم دعوته بشدّة .وقد سمع القرآنَ وتأثر به وقال عنه: لقد سمعُ من محمدٍ كلاماً ما هو من كلام الإنس ،ولا من كلام الجن ..و الله إن لَه لحلاوةً ،وإن عليه لَطلاوة ،وإن أعلاه لمثْمِر ،وإن أسفلَه لَمُغْدِق ،وإنه يعلو ولا يُعلى عليه .
ومع ذلك فقد بقي على عنادِه وكفره وجمع قريشاً وقال لهم: « إن الناسَ يأتونكم أيامَ الحج فيسألونكم عن محمد ،فتختلف أقوالكم فيه ،فيقول هذا: كاهنٌ ،ويقول هذا: شاعر ،ويقول هذا: مجنون ،وليس يُشبه واحداً مما يقولون .ولكن أصلَحُ ما قيل فيه أنه ساحر ،لأنه يفرق بين المرء وأخيه والزوج وزوجته» .وقد مات بعد الهجرة بثلاثة أشهر ،وأسلمَ من أولاده خالدُ بن الوليد وهشام وعمارة ،والوليدُ بن الوليد .
دَعني ومن خلقتُه وحيداً فإني سأكفيكَ أمره .