الإبل: جمع لا واحد له من لفظه مفردها: بعير .
وبعد أن بين الله تعالى أحوال الآخرة وما فيها من نعيمٍ للمؤمنين وشقاءٍ للجاحدين يذكّر الناسَ هنا لينظروا في هذا الوجود الظاهر ،ويعتبروا بقدرة القادر وتدبير المدبّر فقال:
{أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإبل كَيْفَ خُلِقَتْ} .
إن هذه المشاهد معروفة لنظر الإنسان حيثما كان: الحيوان والسماء والأرض والجبال .وأيّاً ما كان حظ الإنسان من العلم والحضارة فهذه مشاهد داخلة في عالَمه وإدراكه .ويذكّرنا الله تعالى بأن ننظر ونعتبرَ بهذه القدرة الخارقة والتدبير المحكَم .
فالجمل حيوانٌ عجيب ونفعه كبير جدا ،عليه يسافر الإنسان ويحمل أثقاله .ومن لبنِ الناقة يشرب ،ويأكل من لحومها ،ومن أوبار الإبل وجلودها يلبس ويتّخذ المأوى .فقد كانت الجِمالُ ولا تزال في كثيرٍ من بقاع الأرض موردَ الحياة الأول للإنسان ومن أحسن المواصلات ،حتى سُميت سفنَ الصحراء .وهي قليلة التكاليف وعلى قوّتها وضخامتها يقودُها الصغير فتنقاد .ولهيئتها مزية وفي تكوينها عَجَب .فعينا الجمل ترتفعان فوق رأسه ،وترتدّان إلى الخلف .ولهما طبقتان من الأهداب تقيانهما الرمالَ والقذَى .وكذلك المِنخَران والأُذنان يكتنفها الشعر للغرضِ نفسِه .فإذا ما هبّت العواصف الرملية ،انقفل المِنخران وانثنت الأُذنان نحو الجسم .والإِبلُ أصبرُ الحيوان على الجوع والعطش والكدح ،ومزاياها كثيرة لا يتسع المقام لبسْطِها .وما زال العلماء يجدون في الجمل كلّما بحثوا مصداقاً لِحَضِّ الله تعالى لهم على النظر في خَلْقه المعجز .