وقوله تعالى:{ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} قال أبو السعود استئناف مسوق لتقرير ما فصل من حديث الغاشية ،وما هو مبني عليه من البعث الذي هم فيه مختلفون بالاستشهاد عليه بما لا يستطيعون إنكاره والهمزة للإنكار والتوبيخ ،والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام وكلمة ( كيف ) منصوبة بما بعدها معلقة لفعل النظر والجملة في حيز الجر على أنها بدل اشتمال من{ الإبل} أي أنكروه ما ذكر من البعث وأحكامه ويستبعدون وقوعه من قدرة الله عز وجل فلا ينظرون إلى الإبل التي هي نصب أعينهم يستعملونها كل حين إلى أنها كيف خلقت خلقا بديعا معدولا به عن سنن خلقه سائر أنواع الحيوانات في عظم جثتها وشدة قوتها وعجيب هيئتها اللائقة بتأتي ما يصدر عنها من الأفاعيل الشاقة كالنوء بالأوقار الثقيلة وجر الأثقال الفادحة إلى الأقطار النازحة ،وفي صبرها على الجوع والعطش حتى أن ظمأها لتبلغ العشر فصاعدا واكتفائها باليسير ورعيها لكل ما تيسر من شوك وشجر غير ذلك مما لا يكاد يرعاه سائر البهائم وفي انقيادها مع ذلك للإنسان في الحركة والسكون والبروك والنهوض حيث يستعملها في ذلك كيفما يشاء ويقتادها بقطارها كل صغير وكبير