{وإِذْ قُلْنَا للملائكة اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إلاّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا 61 قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إلاّ قَلِيلاً 62 قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُورًا 63 واسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ ورَجِلِكَ وشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوالِ والأَوْلادِ وعِدْهُمْ ومَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إلاّ غُرُورًا 64 إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وكَفَى بِرَبِّكَ وكِيلاً 65} [ 6165]
في الآيات تذكير بموقف إبليس وعناده واستكباره عن الخضوع لله والسجود لآدم حسب ما أمره ،وحكاية ما كان بينه وبين الله من حوار ،وتحديه بفعل ما يقدر عليه لصرف الناس عن الإيمان بالله ،وتقرير كونه عاجزا عن التأثير في الطيبين الصالحين من عباد الله ،ووعد بأن جهنم ستكون جزاءه وجزاء من يتبعه ،وبيان بأن ما يزينه الشيطان للناس ويعدهم ليس إلاّ من قبيل الإغراء والتغرير .
والآيات متصلة بسابقاتها واستمرار للسياق في الوقت نفسه على ما هو المتبادر من نظمها وعطفها على ما سبقها .وقد احتوت تعليلا تطمينيّا للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين لموقف الكفار وتكذيبهم وعنادهم ،و تنديدا بهم بحيث يبدو أنها أرادت تقرير كون الكفار يتبعون الشيطان ويغترون بما يزينه ويوسوسه لهم .وأن مصيره ومصيرهم إلى جهنم .وأنه إنما يؤثر في أمثالهم ممن خبثت طويتهم وغلظت قلوبهم .أما عباد الله المؤمنون فلن يكون له سلطان عليهم وتأثير فيهم .
والتنديد بالكفار مستحكم لأنهم يعرفون إبليس وغوايته على ما ذكرناه في سياق تفسير سورة ص .
والتعبيرات التي استعملت في الآيات بالنسبة لإبليس مستعارة على ما هو المتبادر من الأساليب العربية وخطابهم ،ومع هذا فقد رأينا بعض المفسرين{[1316]} يقولون: إن لإبليس خيّالة ومشاة ووسائل حرب وتهييج ،وأنه يشارك الناس المنحرفين في أكلهم وشربهم ومعاشراتهم الجنسية ،دون سند وثيق .وفي هذا تكلف من جهة ودخول في ماهيات غيبية لا طائل من ورائه من جهة أخرى ،والحكمة والعبرة في النص القرآني بارزتان وهذا من مقاصده الجوهرية وكفى .