عطف على جملة{ وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس}[ الإسراء: 60] أي واذكر إذ قلنا للملائكة .والمقصود من هذا هو تذكير النبي بما لقي الأنبياء قبله من معاندة الأعداء والحسدة من عهد آدم حين حسده إبليس على فضله .وأنهم لا يَعدمون مع ذلك معترفين بفضلهم وهم خيرة زمانهم كما كانت الملائكة نحو آدم عليه السلام ،وأن كلا الفريقين في كل عصر يمُتّ إلى أحد الفريقين الذي في عهد آدم ،فلفريق الملائكة المؤمنون ولفريق الشيطان الكافرون ،كما أومَأ إليه قوله تعالى:{ قال اذهب فمن تبعك منهم}[ الإسراء: 63] الآية ،ففي ذلك تسلية للنبيء عليه الصلاة والسلام .فأمْرُ الله نبيئه بأن يذكر ذلك يتضمن تذكيره إياه به ،وذكر النبي ذلك موعظةٌ للناس بحال الفريقين لينظر العاقل أين يضع نفسه .
وتفسير قصة آدم وبيان كلماتها مضى في سورة البقرة وما بعدها .
والاستفهام في{ أأسجد} إنكار ،أي لا يكون .
وجملة{ قال أأسجد} مستأنفة استئنافاً بيانياً ،لأن استثناء إبليس من حكم السجود لم يفد أكثر من عدم السجود .وهذا يثير في نفس السامع أن يسأل عن سبب التخلف عن هذا الحكم منه ،فيجاب بما صدر منه حين الاتصاف بعدم السجود أنه عصيان لأمر الله ناشىء عن جهله وغروره .
وقوله:{ طيناً} حال من اسم الموصول ،أي الذي خلقته في حال كونه طيناً ،فيفيد معنى أنك خلقته من الطين .وإنما جعل جنس الطين حالاً منه للإشارة إلى غلبة العنصر الترابي عليه لأن ذلك أشد في تحقيره في نظر إبليس .