{ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون 58} .
أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول:{ بفضل الله وبرحمته} أي أن هذا القرآن الذي نزل جامعا للموعظة المبينة وشفاء القلوب وهدايتها ، والشريعة هي من فضل الله على خلقه الذي يختص بها من يشاء ، وبرحمته على عباده الذين أنقذهم من الضلال ، وفي هذا بيان بأن تنزيل القرآن وما فيه هو بفضل الله ورحمته ، وتكرار حرف الجر( الباء ) ؛ لبيان أن كليهما مراد الله تعالى من تنزيل الكتاب ، ثم يبين سبحانه أن هذا القرآن بما فيه هو أساس للسعادة والسرور والفرح لقوله تعالى:
{ فبذلك فليفرحوا} والفاء الثانية واقعة في جواب الشرط المقدر المطوي في قوله تعالى:{ فبذلك} أي فإن ذلك النزول إذا كان من فضل الله ورحمته فليفرحوا ، وتكررت( الباء ) لتأكيد أن ذلك الفضل وتلك الرحمة من أسباب الفرح وهو يزيد على كل خير الدنيا ؛ ولذلك قال تعالى:{ هو خير مما يجمعون} الضمير في{ هو} يعود إلى القرآن بما فيه من موعظة وهداية وشفاء لأسقام القلوب ،{ خير مما يجمعون} أي من أموال ورخاء في الدنيا وأسباب القوة وغير ذلك مما هم حريصون على جمعه راغبين فيه ، فإنه إن كان يفرح زمنا فإنه يكون وبالا على صاحبه ، والمفاضلة هنا هي بين منافع مادية عاجلة ومنافع روحية ، وكلمة خير تدل على أنه بلغ إلى الدرجات عن هذا الذي يجمعونه .
إن الشريعة الرحيمة التي تشمل الحلال والحرام يخرج الكافرون عن نطاقها ولهذا قال تعالى: