فضل الله خير مما يجمعون
{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} لأن الفرح الحقيقي ،هو الفرح الذي ينطلق من قاعدةٍ ممتدّةٍ في كيان الإنسان وحياته ،من خلال امتدادها في قضية المصير ،ولن يكون ذلك إلا بالالتقاء بالله في فضله ،في ما يفيض على الناس من هدايته ورضوانه ،وما يمطرهم به من شآبيب رحمته ،لأن العيش مع الله يمثّل الخير الذي لا شرّ معه ،والراحة التي لا تعب فيها ،والسرور الذي لا حزن معه ،والأفق الواسع الذي لا يضيق عن شيءٍ ،ولا يتعثر في موقف .أمّا مال الدنيا وشهواتها وأطماعها وطموحاتها ،فهي الأشياء التي يلتقي بها الإنسان في الطريق ،فيمر بها مروراً عابراً ،ثم يتركها لفقر طارىءٍ أو مقيمٍ ،أو لألمٍ شديد ،أو حزنٍ خانقٍ ،أو فشل ذريعٍ ،أو خسارةِ فادحة ،أو موتٍ يأكل ذلك كله ،ليسلمه إلى المصير المحتوم حيث الهلاك والعقاب عند الله .ولكن فضل الله ورحمته يحفظان الإِنسان ويحوطانه ويُسلمانه إلى الخير والفلاح في الدنيا والآخرة ،فيشعر الإنسان معهما بالأمن والطمأنينة ،وفي ذلك الفرح كل الفرح ،حتى في أشد ساعات الحزن ،وفي أقسى حالات الشدّة ،لأنه يشعر أنه يعاني ما يعانيه تحت عين الله ورعايته ،فيهون عليه كل شيء لأنه بعين الله ،وفي سبيله ،بعيداً عن كل أثقال الهموم والغموم ،لأن الحياة عنده رسالةٌ تحتوي كل انفعالات الذات ومشاعرها ،وليست حركةً في صعيد الذات على حساب قضايا الرسالة وأهدافها .