{ فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا} لما سمعت بأقوالهن اللائي يروونها أرسلت إليهن ،{ وأعتدت} أي هيأت{ لهن متكأ} ، أقامت لهن وليمة أو نحو ذلك ، وسمي متكأ تسمية للشيء باسم مكانه ، وهي تصور التنعم الذي كانت فيه ،{ وآتت} وأعطت{ كل واحدة منهن سكينا} ، ولعل .ذلك كان موجب الوليمة أو ما يشبهها .
وسمت قولهن مكرا ؛ لأنهن كن يشعنه ، وكأنه تدبير السوء ، ولأن بعضهن علمته من جانبها فما كتمن لها سرا ، ولأنهن كن يوجهن اللوم إليها ، ويتبادلن ذلك ، وكأنه أمر يدبر ، ولذا سمي مكرا .
وبعد أن تهيأ المجلس ، قالت ليوسف اخرج عليهن{ وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله} .
خرج عليهن ، يتلألأ فيه نور الحق ، الجمال الذي كساه الله إياه ، فأخذه أبصارهن وقلوبهن ، وحسهن ، فقلن:{ حاش لله} أي تنزيها له عن فعل البشر وقوله{ لله} ، لأنه هو الذي نزهه وكرمه ، أو قلن كلمة التنزيه ، لأنه خلق مثل هذا الملاك الكريم . و{ أكبرنه} ، أي جعلنه في موضع الإكبار والشرف ، ولذهولهن من الروعة التي تبدى بها جرحن أيديهن ، وعبر سبحانه عن الجرح بالقطع ؛ لأن الجرح كان بليغا ، ولأن الجرح في حد ذاته قطع لبعض البشرة ، وقلن تلك الكلمة المعبرة عما في نفوسهم:{ ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم} بهرهن حتى ارتفعت مرتبة الإنسانية إلى مرتبة الملكية . ف{ إن} هنا هي النافية أي:ما هو إلا ملك كريم .
التفتت امرأة العزيز اليهن ، وقد رأت الجروح تسيل بالدم من أيديهن ، وما اعترى نفوسهن من إكبار له ، واستهواء حتى حسبنه ملكا كريما ، وليس إنسانا من الطين .
قالت: