وإن رغبتهم في الذكور ورغبتهم عن الإناث تدفعهم إلى أن تسود وجوههم عند ولادة الأنثى ؛ ولذا قال تعالى:
{ وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم ( 58 ) يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أن يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ( 59 )} .
التبشير معناه الإخبار بالأمر السار ، أي بالبشارة ، وعبر الله تعالى عن ولادة البنت بالتبشير ؛ لأنها بشرى بسلامة الأم ولأنها في ذاتها رزق من الله تعالى ، ولأنها قلب يكون له فضل حنان وشفقة لذا كان التعبير ب{ بشر} ، وقد كان يجب أن يسر لهذه المعاني الكريمة السامية ، ولكنه بدل أن يستبشر ، بهذه النعمة التي أنعم الله تعالى بها ، وهذا الرزق الذي ساقه الله تعالى يكتئب ويحزن ؛ ولذا قال تعالى بها ، وهذا الرزق الذي ساقه الله تعالى يكتئب ويحزن ؛ ولذا قال تعالى في جواب الفعل الذي هو البشرى:{ ظل وجهه مسودا وهو كظيم} ، أي صار ودام وجهه مسودا ، وذلك كناية عن الحزن والكمد والغيظ ، كان حال الوجه المكفهر تشبه بحال الوجه الأسود ، للقتامة ، فالبؤس يوجد سوادا في القلب .
وقال:{ وهو كظيم} ، أي وهو ممتلئ غيظا ، وحزنا وغما ، و{ كظيم} مأخوذ من الكظامة ، وهو شد فم القربة ، والمهموم الحزين ينطبق فاه فلا يتكلم كمدا ، والمشابه حاله بحال الكظامة التي تشد بها القرية ، ولكن القرية تسد على الماء وقد يكون قراحا ، أما هذا فيشد فمه على أقراح الهم والغم والحزن .