وإذا كانوا معاندين فلا جدوى وكفى بالله شهيدا ، وقد قامت دلائل شهادته ، ولذا قال تعالى:{ قل كفى بالله شهيدا بيني إنه كان بعباده خبيرا بصير ( 96 )} .
الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه قام الجدل بينهم وبينه ، والله من ورائهم محيط ، وهو المؤيد والناصر لنبيه ، ويقول الله تعالى لنبيه:قل يا أيها النبي لهؤلاء المعاندين الضالين الذين يطلبونه دليلا على رسالتك غير القرآن أو يريدون رسولا من الملائكة{ كفى بالله شهيدا بيني وبينكم} الباء هنا لتأكيد معنى الكفاية بشهادة الله تعالى ، و{ شهيدا} إما أن تفسر الشهادة بمعنى الحكم ، وهي تستعمل في ذلك ، كقوله تعالى:{. . .وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل . . . .( 26 )} [ يوسف] إلى آخر الآية ، ويكون معنى النص السامي ، وكفى بالله حاكما بيني وبينكم ، بأنى رسول ، وأن المعجزة الكبرى وهي القرآن كافية ملزمة وقد ألزمنكم الحجة ، وإن حكم الله واضح ، وشهادته قائمة بصدق ما جئتكم به .
وإما أن نقول:إن شهيدا معناه شاهد ، للفصل بيني وبينكم ، وحاسمة لخلافكم ، والشاهد حاكم ؛ لأن الحكم يبنى على شهادته ، كما قال علي كرم الله وجهه:إنما قتلك شاهداك .
والمعنى على ذلك إنما يشهد الله وحده فيما بينى وبينكم ، وإن شهادة الله تعالى هي المحكمة ، ولذا قال سبحانه:{ إنه كان بعباده خبيرا بصيرا} ، أي عليما علما دقيقا ، و{ بصيرا} علم من يبصر ، فيعرف ما يصلح لكم وما لا يصلح ، ومن يكون رسولا ومن لا يكون وهو على كل شيء قدير .