وإن ما توعد به إبليس عباد الله في قوله:{ قال فبعزّتك لأغوينهم أجمعين 82} ( ص ) يذكر الله عباده المؤمنين بهذه العداوة ليحتاطوا ، وليجتنبوا وسوسته فيقول تعالى:
{ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا 50} .
{ إذ} ظرف للماضي منصوب بفعل محذوف تقديره ، اذكر ذلك الوقت الذي{ قلنا} فيه{ للملائكة اسجدوا لآدم} ، وذكر هذا الزمن بأحداثه وما قيل فيه استحضار لصورته ، وكيف عصى إبليس ربه ، وعاند في الخضوع لأمر الله تعالى بالنسبة لآدم ، واستحضاره استحضار لعداوته وما هدد به ذريته ، وما حاول إغوائهم وكل ذلك يوجب النفرة ، وقد كان من الجن وليس من الملائكة الأطهار ، فكان يجب تجنبه وألا يستمعوا إلى وسوسته فإنها تؤدى إلى المعصية كما أذلت أباهم آدم للأكل من الشجرة ، ولذا قال تعالى:{ أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني} ، الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، وقد تأخرت عن الاستفهام ، لأن الاستفهام له الصدراة ، والتقدير أفتتخذونه بعد أن علمتم أنه وذريته أولياء نصراء موالون من دون الله وبدل ، وهم أعداء ليسوا بأولياء ، بئس بدلا لكم أنتم معشر الذين ظلموا أنفسهم ، وأظهر في موضع ضمير الخطاب ، فقال:{ بئس للظالمين بدلا} ، بدل أن يقول بئس بدلا لكم ، للإشارة إلى أنهم بهذا ظلموا أنفسهم ، ووضعوا الأمور في غير مواضعها ، وكانوا كافرين ظالمين .