وإن الله تعالى بعد أن خلق آدم ، قال سبحانه آمرا آدم ، وكان قد خلق معه زوجه:
{ وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا
حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ( 35 )} .
لم يذكر الله سبحانه مكان هذه الجنة ، ولا حقيقتها ، أهي في السماء أم في الأرض ، أهي الجنة التي تكون جنة الخلد ، أم هي حديقة في الأرض ، ومهما يكن فإنها جنة فيها رغد العيش وسعته .
ولم يذكر سبحانه وتعالى اسم زوجه ، ولكنا علمنا من مصادر أخرى أنها حواء{[72]} ، وأنه خلقها من نفس آدم ، أو من جنس خلقه ، فقد قال تعالى في سورة النساء:{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها . . . ( 1 )} [ النساء] ، فحواء زوجة آدم من نفس خلقه أو خلقها الله تعالى من جنس نفسه .
أمر الله آدم أن يكون هو وزوجه في الجنة ساكنين ، وأن يأكلا منها موسعين على أنفسهم غير مضيقين ، يأكلان رغدا أي من غير انقطاع ، ولكنه نهاهما عن شجرة من أشجارها . . ما هي وما كنهها ؟ لم يذكر سبحانه وتعالى هذه الشجرة ، ولكنه وإن لم يبينها لنا كانت معلومة عند آدم وزوجه ؛ ولذلك كان إغراء آدم من شجرة معينة .
ابتدأ إبليس يتخذ طريق الغواية حاقدا حاسدا ، فجاءهما من هذه التي أمر الله سبحانه وتعالى بألا يقرباها ، وكان النهي عن القرب لا عن الأكل ، لأنه أبلغ في النهي عن الأكل ، فالنهي عن القرب مبالغة في عدم الأكل بالابتعاد عنها ، وهنا كان الاختبار بهذه الشجرة ، إذ حيث يكون الهوى فإنه يجر إلى العصيان .