فقوله:( فتنا ) معناها اختبرنا وكان فتنة لهم من ناحيتين:الناحية الأولى:أن جاههم مع كبريائهم سيكون حاجزا لا يسهل دخول الإيمان في قلوبهم الثانية:سيجدون أن الذين يسبقونهم الى الإسلام هم الضعفاء فيكون ذلك صعوبة نفسية أخرى لا تسهل دخول الحق الى قلوبهم ويقول قائلهم الضال:(. . .لو كان خيرا ما سبقونا إليه . . .11 ) ( الأحقاف ) ومن يجتاز هاتين الصعوبتين من الأقوياء يكون إيمانه أرسخ من الجبال كأبي بكر الصديق وعثمان ابن عفان وحمزة ابن عبد المطلب وعمر ابن الخطاب ، وعبد الرحمان ابن عوف وغيرهم من الأقوياء ذو الوجاهة في الجاهلية والوجهاء عند الله والناس في الإسلام .
والكاف في قوله تعالى:( وكذلك فتنا ) للتشبيه وقد شبهت الصورة الكلية لاختبار الله تعالى لخلقه أو على الحقيقة معاملة المختبر لهم شبهت تلك الصورة بهذه الحالة القائمة التي آمن فيها الضعفاء وسبقوا بها الأقوياء وصار لهم فضل السبق والتشبيه للتقريب والتوضيح واللام في قوله تعالى ( ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ) للعاقبة أي:وما كانت هي الباعث على الاختبار ، ولكن كانت عاقبة ونتيجة الاختبار .
( اليس الله باعلم بالشاكرين )
يثبت الله سبحانه وتعالى هذا النص بثلاثة أمور:
أولها:أن الفضل ليس بالغنى ولا بالجاه ولا بالقوة في الدنيا ، ولكن بمقدار شكر الله تعالى على ما أنعم والإنسان في الوجود محفوف بنعم الله تعالى تحوط به من يوم خروجه الى الحياة الى وقت مفارقتها وواجب عليه الشكر لها فشكر النعم واجب بمقتضى العقل والنقل ، وبمقدار شكر النعمة يكون الفضل .
ثانيها:أن أولئك الذين يسارعون إلى الإيمان بوحدانية الديان هم أصحاب الفضل لأنهم هم الذين يسارعون إلى الشكر ودعوة الله وعبادته والإذعان له .
ثالثها:أن الله هو وحده العالم بمن يستحق الفضل وبمن يشكره وهو المستحق للفضل منه ، وأفعل التفضيل على غير بابه ، والمراد أنه سبحانه يعلم الشاكرين علما ليس فوقه علم ، فهو وحده العليم السميع البصير .