قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه مع عباده المتقين المحسنين .وقد تقدم إيضاح معنى التقوى والإحسان .
وهذه المعية بعباده المؤمنين ،وهي بالإعانة والنَّصر والتوفيق .وكرر هذا المعنى في مواضع أخر ،كقوله:{إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَى} [ طه: 46] ،وقوله:{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ} [ الأنفال: 12] ،وقوله:{لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [ التوبة: 40] وقوله:{قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ} [ الشعراء: 62] ،إلى غير ذلك من الآيات .
وأما المعية العامة لجميع الخلق فهي بالإحاطة التامة والعلم ،ونفوذ القدرة ،وكون الجميع في قبضته جل وعلا: فالكائنات في يده جل وعلا أصغر من حبّة خردل ،وهذه هي المذكورة أيضاً في آيات كثيرة ؛كقوله:{مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ} [ المجادلة: 7] الآية ،وقوله:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [ الحديد: 4] الآية ،وقوله:{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ} [ الأعراف: 7] ،وقوله:{وَمَا تَكُونُ في شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْءَانٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [ يونس:61] الآية ،إلى غير ذلك من الآيات .
فهو جل وعلا مستو على عرشه كما قال ،على الكيفية اللائقة بكماله وجلاله ،وهو محيط بخلقه ،كلهم في قبضة يده ،لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ،ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين .