[ 128]{ إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون 128} .
{ إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} تعليل ما قبله .أي:فإنه تعالى كافيك وناصرك ومؤيدك ومظفرك بهم .لأنه تعالى مع المتقين والمحسنين بالمعونة والنصر والتأييد ،فيحفظهم ويكلؤهم ويظهرهم على أعدائهم .قال ابن كثير:/ هذه معية خاصة كقوله تعالى{[5349]}:{ إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا} ،وقوله لموسى وهارون{[5350]}:{ لا تخافا ،إنني معكما أسمع وأرى} ،وأما المعية العامة فالسمع والبصر والعلم كقوله تعالى{[5351]}:{ وهو معكم أين ما كنتم} ،وقوله{[5352]}:{ ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا} .
قال أبو السعود:تكرير الموصول للإيذان بكفاية كل من الصلتين في ولايته سبحانه ،من غير أن تكون إحداهما تتمة للأخرى .وإيراد الأولى فعلية للدلالة على الحدوث .كما أن إيراد الثانية اسمية لإفادة كون مضمونها شيمة راسخة فيهم .وتقديم التقوى على الإحسان لما أن التخلية متقدمة على التحلية .والمراد بالموصولين إما جنس المتقين والمحسنين ،وهو عليه الصلاة والسلام داخل في زمرتهم دخولا أوليّا .وإما هو عليه الصلاة والسلام ومن شايعه .عبر عنهم بذلك ،مدحا لهم وثناء عليهم بالنعتين الجميلين .وفيه رمز إلى أن صنيعه عليه الصلاة والسلام مستتبع لاقتداء الأمة به ،كقول من قال لابن عباس رضي الله عنهما ،عند التعزية بأبيه العباس:
اصبر نكن بك صابرين فإنما *** صبر الرّعية عند صبر الرّاس
وبعد هذا البيت:
خير من العباس أجرك بعده *** والله خير منك للعبّاس
قال ابن عباس: "ما عزّاني أحد أحسن من تعزيته ".
وعن هرم بن حيان أنه قيل له حين الاحتضار:أوص .قال:إنما الوصية من المال ،فلا مال لي .وأوصيكم بخواتيم سورة النحل ...