قوله تعالى:{وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ} .
بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة منته على خلقه ؛بأنه جعل لهم سرابيل تقيهم الحر ،أي: والبرد ؛لأن ما يقي الحر من اللباس يقي البرد .والمراد بهذه السرابيل: القمصان ونحوها من ثياب القطن والكتان والصوف .وقد بين هذه النعمة الكبرى في غير هذا الموضع ؛كقوله:{يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِى سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا} [ الأعراف: 26] الآية ،وقوله:{يَا بَنِي ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [ الأعراف: 31] الآية .أي: وتلك الزينة هي ما خلق الله لهم من اللباس الحسن .وقوله هنا:{وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ} ،المراد بها الدروع ونحوها ،مما يقي لابسه وقع السلاح ،ويسلمه من بأسه .
قد بين أيضاً هذه النعمة الكبرى ،واستحقاق من أنعم بها لأن يشكر له في غير هذا الموضع .كقوله:{وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ} [ الأنبياء: 80] .وإطلاق السرابيل على الدروع ونحوها معروف .ومنه قول كعب بن زهير:
شم العرانين أبطال لبوسهم ***من نسج داود في الهيجا سرابيل