قوله تعالى:{سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل ربّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ} .
أخبر جل وعلا في هذه الآية الكريمة عن اختلاف الناس في عدة أصحاب الكهف ،فذكر ثلاثة أقوال .على أنه لا قائل برابع ،وجاء في الآية الكريمة بقرينة تدل على أن القول الثالث هو الصحيح والأرلان باطلان ،لأنه لما ذكر القولين الأولين بقوله:{سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ} أتبع ذلك بقوله{رَجْماً بِالْغَيْبِ} أي قولاً بلا علم ،كمن يرمى إلى مكان لا يعرفه فإنه لا يكاد يصيب ،وإن أصاب بلا قصد ،كقوله:{وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ} وقال القرطبي: الرجم القول بالظن ،يقال لكل ما يخرص رجم فيه ومرجوم ومرجم كما قال زهير:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم *** وما هو عنها بالحديث المرجم
ثم حكى القول الثالث بقوله:{وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ} فأقره ،ولم يذكر بعده أن ذلك رجم بالغيب ،فدل على أن الصحيح .وقوله{مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ} قال ابن عباس: أنا من ذلك القليل الذي يعلمهم ،كانوا سبعة .وقوله:{قُل ربّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم} فيه تعليم للناس أن يردوا علم الأشياء إلى خالقها جل وعلا وإن علموا بها ،كما أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم بمدة لبثهم في قوله:{وَلَبِثُواْ في كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُواْ تِسْعًا 25} ثم أمره مع ذلك برد العلم إليه جل وعلا في قوله جل وعلا:{قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ والأرض} الآية .وما قدمنا من أنه لا قائل برابع قاله ابن كثير أخذاً من ظاهر الآية الكريمة .مع أن ابن إسحاق وابن جريج قالا: كانوا ثمانية .والعلم عند الله تعالى .