المفردات:
الرّجم: القول بالظنّ .
الغيب: ما غاب عن الإنسان ،والمراد هنا: القول بالظن والتخمين .
المراء: المحاجة فيما فيه مرية وتردد .
مراء ظاهرا: سهلا هينا .
ولا تستفت فيهم: لا تطلب الفتيا منهم ،ففيما قصه الله عليك بشأنهم ما يكفيك .
22-{سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربّي أعلم بعدتهم ما يعلمه إلا قليل ...}
أي: سيختلف الناس في عدة أصحاب الكهف- أيها الرسول الكريم- فمن الناس من سيقول: إن عدتهم ثلاثة ،رابعهم كلبهم ،ومنهم من يقول: إنهم خمسة ،سادسهم كلبهم .
{رجما بالغيب} أي قذفا بالظن ،من غير يقين ولا علم ؛كمن يرمي إلى مكان لا يعرفه .
وجاء في التفسير الوسيط للدكتور/ محمد سيد طنطاوي:
أي: يرمون رميا بالخبر الغالب عنهم ،والذي لا اطلاع لهم على حقيقته ،شأنهم في ذلك شأن من يرمي بالحجارة التي لا تصيب المرمى المقصود .
{ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم}
أي: ويقول البعض: إنهم سبعة ،والثامن هو الكلب .
{قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل} .
أي: قل أيها الرسول لمن خاضوا في عدة أصحاب الكهف: إن الله عز وجل أقدر على معرفة عددهم ،وأعلم ؛فهو علام الغيوب ؛فمن الأولى تفويض الأمر إليه في مثل هذه الأمور التي لا يقين عندها فيها .
{ما يعلمهم إلا قليل} .
أي: ما يعلم عددهم إلا قليل من الناس .
روى قتادة: عن ابن عباس أنه قال: أنا من القليل الذي استثنى الله عز وجل ،وكانوا سبعة سوى الكلب .
ونلاحظ أنه لم يرد في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في ذلك .
لكن المفسرين لاحظوا ،أن الله تعالى عقب على الرأي الأول والثاني ،بقوله: رجما بالغيب ،وسكت عن التعقيب على الرأي الثالث ؛مما يدل على أن أصحابه قالوا ذلك عن تثبت وتعقل ويقين .
{فلا تمار فيهم إلاّ مراء ظاهرا} .
فلا تجادل في شأن أصحاب الكهف أحدا من الخائضين فيه ؛إلا جدالا سهلا لينا بالتي هي أحسن .
{ولا تستفت فيهم منهم أحدا} .
أي: لا تستفت النصارى أو اليهود أو غيرهم في شأنهم ؛فإنهم لا علم لهم بذلك إلا ما يقولونه من تلقاء أنفسهم من غير استناد إلى دليل قاطع ،ولا نص صريح .
وقد جاءك ربك بالحق الذي لا مرية فيه ؛فهو الحاكم المقدم على كل ما تقدمه من الكتب والأقوال السابقة .
والمقصود من القصة: هو العظة والاعتذار ،وبيان: قدرة الله ،ومعرفة أن البعث حاصل لا محالة ،وهذا لا يتوقف على عدد معين ،والآية حافلة بمكارم الأخلاق ،وأدب الناقشة .