وقوله تعالى:{إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى 3} .
أظهر الأقوال فيه: أنه مفعول لأجله ،أي ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة ،أي إلا لأَجل التذكرة لمن يخشى الله ويخاف عذابه .والتذكرة: الموعظة التي تلين لها القُلوب ؛فتمتثل أمر الله ،وتجتنب نهيه .وخص بالتذكرة من يخشى دون غيرهم ،لأنهم هم المنتفعون بها ،كقوله تعالى:{فَذَكِّرْ بِالقرآن مَن يَخَافُ وَعِيدِ 45} ،وقوله:{إِنَّما تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخشِيَ الرَّحْمانَ بِالْغَيْبِ} وقوله:{إِنَّما أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا 45} .فالتخصيص المذكور في الآيات ب{مِنْ} تنفع فيهم الذكرى لأنهم هم المنتفعون بها دون غيرهم .وما ذكره هنا من أنه ما أنزل القرآن إلا للتذكرةبينه في غير هذا الموضع كقوله:{إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِين 27لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ 28} ،وقوله تعالى:{قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ 90} ،إلى غير ذلك من الآيات .وإعراب{إِلاَّ تَذْكِرَةً} بأنه بدل من{لِتَشْقَى} لا يصح ،لأن التذكرة ليست بشقاء .وإعرابه مفعولاً مطلقاً أيضاً غير ظاهر .وقال الزمخشري في الكشاف:{ما أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ القرآن لِتَشْقَى 2 إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى 3}:
ما أنزلنا عليك هذا المتعب الشاق إلا ليكون تذكرة .وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون{تَذْكِرَةٌ} حالاً ومفعولاً له .