قوله تعالى:{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ في الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} .
قد قدّمنا أن قوله هنا:{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ} ،هو الكلمة في قوله تعالى:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إسرائيل} [ الأعراف: 137] الآية ،ولم يبيّن هنا السبب الذي جعلهم به أئمة جمع إمام ،أي: قادة في الخير ،دعاة إليه على أظهر القولين .ولم يبيِّن هنا أيضًا الشيء الذي جعلهم وارثيه ،ولكنّه تعالى بيَّن جميع ذلك في غير هذا الموضع ؛فبيّن السبب الذي جعلهم به أئمة في قوله تعالى:{إِسْرائيلَ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [ السجدة: 24] ،فالصبر واليقين هما السبب في ذلك ،وبيّن الشيء الذي جعلهم له وارثين بقوله تعالى:{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأرض وَمَغَارِبَهَا} [ الأعراف: 137] الآية ،وقوله تعالى:{كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ} [ الدخان: 25-28] ،وقوله تعالى:{فَأَخْرَجْنَاهُمْ مّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إسرائيل} [ الشعراء: 57-59] .