والاستفهام في قوله:{أَحَسِبَ النَّاسُ} ،للإنكار .
والمعنى: أن الناس لا يتركون دون فتنة ،أي: ابتلاء واختبار ،لأجل قولهم: آمنّا ،بل إذا قالوا: أمنا فتنوا ،أي: امتحنوا واختبروا بأنواع الابتلاء ،حتى يتبيّن بذلك الابتلاء الصادق في قوله:{مِنَ} من غير الصادق .
وهذا المعنى الذي دلّت عليه هذه الآية الكريمة ،جاء مبيّنًا في آيات أُخر من كتاب اللَّه ؛كقوله تعالى:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ والذّين آمنوا معه متى نصرُ الله ألا إنّ نصر الله قريب} [ البقرة: 214] ،وقوله:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [ آل عمران: 142] ،وقوله تعالى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [ محمد: 31] ،وقوله تعالى:{مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيّبِ} [ آل عمران: 179] الآية ،وقوله تعالى:{وَلِيَبْتَلِىَ اللَّهُ مَا في صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحّصَ مَا في قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [ آل عمران: 154] ،وقوله تعالى:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَليجةً والله خبيرٌ بما تعملونَ} [ التوبة: 16] ،إلى غير ذلك من الآيات ،